آخر تحديث: 8 / 5 / 2024م - 7:54 م

اراجيز الطف 15

محمد أحمد التاروتي *

حملت ارجوزة الصحابي الجليل مسلم بن عوسجة في يوم عاشوراء، في طياتها صفات الشرف والكرم، بالإضافة الى الايمان الراسخ بالله تعالى، حيث تتضمن الابيات جانبا من الصفات التي يتحلى بها، كونه من اشراف قومه في مجتمع الكوفة، فضلا عن الصفات التي اكتسبها من الصحبة مع رسول الله ﷺ.

الصحابي الجليل مسلم بن عوسجة يمتاز بالشجاعة والاقدام، حيث تصفه الكتب التاريخية بالبطولة ”من ابطال العرب في صدر الإسلام“، فقد اشترك في العديد من المعارك التي خاضها المسلمون، مما اكسبه الكثير في ميادين الحروب الطاحنة، بين الجيوش الإسلامية والأعداء في العديد من البلدان.

يستهل الشهيد مسلم بن عوسجة ارجوزته، برفع الالتباس لدى الجيش الاموي، من خلال التعريف بالذات، والحرص على اظهار احدى المزايا الكريمة، التي يتحلى بها في المجتمع الكوفي، فهو من الشخصيات الكريمة التي يشار لها بالبنان، الامر الذي يتجلى في استخدام المفردات الدقيقة، في الابيات التي ارتجلها في معركة الطف الخالدة، حيث يتناول جانبا من الكرم الذي يمتاز به، من خلال التشديد على كونه لا يغادر مكانه «المنزل» لكل سائل، مما يسهم الوصول اليه في جميع الأوقات، اذ يقول ”إن تسألوا عني فإني ذو لبد“.

فيما الشطر الثاني من البيت الأول من الارجوزة، يعطي المعلومات الدقيقة لمكانته الرفيعة، في قومه ”بني اسد“، حيث يبدي استعداد التام لاستقبال الضيف في جميع الأوقات، خصوصا وان مكانته الرفيعة في قومه تؤهله لاستقبال الضيوف، وبالتالي فان هذه الكلمات التي تحمل الكرم تعطي معاني عديدة، منها الشرف الرفيع الذي يحظى به في قومه، وكذلك المكانة غير الاعتيادية في مجتمع الكوفة، الامر الذي يتجلى في كون منزله محط الضيوف على الدوام، لاسيما وان الضيوف يبحثون في الغالب عن الشخصيات، التي تحظى بمكانة رفيعة في المجتمع، سواء من حيث الشرف او الكرم او الايمان، وغيرها من الصفات الحميدة، حيث ”وإن بيتي في ذري بني أسد“.

في الشطر الأول من البيت الثاني، يعمد الشهيد مسلم بن عوسجة على رفع الالتباس لدى الكثير، من خلال الإصرار على الاستقامة، وعدم التراجع عن مبادئه التي حملها، منذ الأيام الأولى من حياته، حيث يتجلى ذلك في الوقوف الى جانب سيد الشهداء في قتال الجيش الاموي، بالإضافة لذلك فان الابيات تتضمن الاستنكار من بعض الإشارات غير السليمة، التي يحاول البعض بثها من خلال القول ب ”بالميل“ عن الرشد والصلاح، فهو ما يزال على العهد الذي قطعه، للاستمرار على الموت في سبيل نصرة الإسلام، لاسيما وان مجتمع الكوفة يعرفه من الشخصيات الشريفة والمتنسكة، وليست من الشخصيات التي تتقلب في المواقف تبعا للمصالح والاهواء، حيث يقول ”فمن بغاني حائد عن الرشد“.

في الشطر الأخير من الارجوزة، يواصل الشهيد مسلم بن عوسجة مشوار الاستنكار الشديد، حيث يحاول البعض تلطيخ سيرته وتاريخه النضالي في الإسلام، من خلال تشويش الرؤية ومحاولة الصاق العديد من التهم الباطلة، لاسيما وان موقفه الثابت بمناصرة الامام الحسين ، حفز الاعلام الاموي على بث الاقاويل والأكاذيب، بهدف احداث حالة من الارباك في المجتمع الكوفي، تجاه هذه الشخصية الإسلامية المرموقة، حيث يصر على الالتزام بالمبادئ الحق، وعدم التنازل عن نصرة الحق، والوقوف في وجه الباطل الاموي، من خلال التضحية بالنفس في سبيل الدفاع، عن العترة الطاهرة ، حيث يقول ”وكافر بدين جبار صمد“.

وينقل التاريخ ان مسلم بن عوسجة ارتجز بساحة القتال في يوم عاشوراء:

إن تسألوا عني فإني ذو لبد ++ وإن بيتي في ذري بني أسد

فمن بغاني حائد عن الرشد ++ وكافر بدين جبار صمد

كاتب صحفي