آخر تحديث: 8 / 5 / 2024م - 11:00 م

اراجيز الطف 16

محمد أحمد التاروتي *

ركز عبد الرحمن بن عبد الله الأرحبي في ارجوزته، التي ارتجلها عند نزوله في ساحة الوغي بيوم عاشوراء، على الاعتزاز بالنفس والتعريف بالنسب الشريف، وكذلك الثبات على موالاة سيد الاوصياء ومواصلة العهد في الولاء لسيدي شباب اهل الجنة ”الحسن والحسين“، بالإضافة لذلك، فالابيات التي نظمها تتضمن البأس والشجاعة، والقدرة على النيل من رقاب القوم ”جيش عمر بن سعد“، فضلا عن احتواء الارجوزة على الايمان الكامل بالفوز بالجنان، والخلود في ساحة رحمة الله.

الشهيد عبد الرحمن الارحبي بالإضافة كونه من كوكبة انصار سيد الشهداء ، فانه احد الرسل الذين رافقوا مسلم بن عقيل الى الكوفة، فضلا عن كونه ممن ارسل من قبل اهل الكوفة لسبط المصطفى ﷺ للدعوة للمجيء اليهم، حيث استشهد في يوم الطف ضمن كوكبة الشهداء، الذين سطروا بدمائهم الزكية ملحمة نصرة الحق على الباطل.

حرص الشهيد عبد الرحمن الارحبي في ارجوزته على التعريف بالذات، حيث تتضمن المفردات التي اختارها على الاعتزاز بالنفس، من خلال تذكير الأعداء الشرف الرفيع الذي ينتمي اليه، فهو من القبائل العربية الشريفة التي تمتاز بالشجاعة والكرم والفضائل، بالإضافة لذلك، فان الانتساب الى القبيلة في النزال وساحات القتال، عنصر أساسي لتعريف العدو بالمنزلة الرفيعة، التي يحظى بها في قومه، وكذلك مجتمع الكوفة التي يعيش فيه، فهو من قبيلة عريقة ضاربة في الشرف الرفيع، حيث يقول ”أنا ابن عبد اللّه من آل يزن“.

يتناول في الشطر الثاني من البيت الأول، العهد الذي قطعه على نفسه خلال مسيرة الحياتية، فقد اتخذ الولاء التام لسيد الاوصياء ، باعتباره الطريق الصحيح للوصول الى الجنان، انطلاقا من المبادئ التي يحملها الامام علي ، اذ يحمل الشطر الثاني رسالة واضحة للجميع، بالاصرار على مواصلة مشوار الدفاع عن الطريق الذي اختطه، من خلال مواصلة السير على خطى امام المتقين ، عبر التمسك بالولاء التام للعترة الطاهرة بعد استشهاد الامام علي ، عبر اظهار الطاعة والولاء للامام الحسين وسيد الشهداء ، فهو لا يخشى من اعلان الولاء التام للعترة الطاهرة ، حيث يقول ”ديني علي دين حسين وحسن“.

بينما ينتقل الشهيد عبد الرحمن الارحبي في الشطر الأول، من البيت الثاني من الارجوزة، لابراز جانب الشجاعة والاقدام في الحروب، وعدم التردد في توجيه الضربات القوية للعدو، من خلال التذكير بشجاعة القبيلة التي ينتمي اليها، فهو ينتسب لاحدى القبائل العربية العريقة في اليمن، والتي تمتاز بقوة البأس والشدة في الحروب، وعدم الخشية او الخوف في المعارك على الاطلاق، وبالتالي فان الشجاعة التي يمتلكها لا تختلف عن الشكيمة التي تتصف بها قبيلته في اليمن، فالمفردات التي اختارها بعناية في الارجوزة، تتضمن المعاني القوية التي تبث الخوف في الطرف المقابل، حيث يقول ”أضربكم ضرب فتى من اليمن“.

في الشطر الأخير من الارجوزة، يتحدث عن المصير الواضح الذي ينتظره، بعد نيل الشهادة تحت راية سيد الشهداء ، فهو على يقين تام بالخاتمة السعيدة بعد ارتقاء روحه الى الباري، خصوصا وان القتال الى جانب الامام الحسين شرف لا يناله، سوى من اخلص النية لله تعالى، لاسيما وان معركة الطف تمثل انعطافة تاريخية في كافة المجالات، باعتبارها ”الفيصل بين المبادئ الصافية للدين الإسلامي، والتحركات المشبوهة التي يمثلها الجيش الاموي“، فالشهيد يقول في الشطر الأخير ”أرجو بذاك الفوز عند المؤتمن“

وذكر بعض المؤرخين أنَّ عبد الرحمن الأرحبي برز للقتال بعد صلاة الظهر، وهو يقول:

أنا ابن عبد اللّه من آل يزن == ديني علي دين حسين وحسن

‏أضربكم ضرب فتى من اليمن == أرجو بذاك الفوز عند المؤتمن

كاتب صحفي