آخر تحديث: 9 / 5 / 2024م - 12:28 ص

اراجيز الطف 19

محمد أحمد التاروتي *

يركز الشهيد سعد بن عبد الله الحنفي، في ازجورته التي ارتجزها في ساحة الطف، على الفرحة الكبيرة التي يحلم بها كل مسلم، وهي ملاقاة سيد الرسل ﷺ وامام المتقين والامام الحسن ، فالكلمات التي تحتويها البيت والنصف من الشعر، تتضمن هذه المعاني الواضحة، من خلال ترديد أسماء سيد الأنبياء ”احمد“، وكذلك سيد الاوصياء ”علي“، وأيضا سيدا شباب اهل الجنة ”حسن“ و”حسين“.

يحاول الشهيد سعد الحنفي التعبير عن فرحته بالقتال، تحت راية سيد الشهداء في يوم عاشوراء، بكلمات واضحة لا تحمل اللبس او الغموض، من خلال الاستعداد للتضحية بالنفس في سبيل الفوز بالجنان، ومجاورة رسول الله ﷺ واهله بيته في الفردوس، لاسيما وان طريق الحق واضح للجميع، مما يجعل انصار الحسين في استقرار نفسي كامل من الخلود في دار القرار.

الشهيد سعد الحنفي الذي ينحدر من قبيلة عريقة في الكوفة، يمتاز بالشجاعة والعبادة، فضلا عن المكانة الاجتماعية الكبيرة في قومه، وكذلك في مجتمع الكوفة، حيث يعد من الشخصيات الموالية لسيد الاوصياء وسيدا شباب اهل الجنة .

يتضمن الشطر الأول من الارجوزة، المنهج الواحد الذي يحمله سيد الشهداء من خلال نهضته، في وجه الخلافة الاموية، حيث يمثل الامام الحسين الامتداد الطبيعي للرسالة الإسلامية، من خلال مفردة ”تلقى“ و”احمد“، وبالتالي فان معركة كربلاء تمثل استكمالا لرسالة الإسلام الخالدة، من خلال إعادة رسم المسار السليم لمسيرة الامة الإسلامية، لاسيما وان الانحرافات تتطلب موقفا ثابتا لتصحيح الأخطاء، التي بدأت تتسرب في المجتمع الاسلامي، حيث يقول ”أقدم حسين اليوم تلقى أحمدا“.

في الشطر الثاني من البيت الأول، يستكمل الشهيد سعيد الحنفي رؤيته الواضحة والثابتة، من خلال اختيار مفردات ”عليا“، فالكلمات تعطي إشارات دقيقة، لاهداف معركة الطف الخالدة، فهي تتضمن استكمال المنهج الذي اختطه رسوله الله، وجاء سيد الاوصياء لاستكماله، وتكريسه في الواقع الاجتماعي، باعتباره الامتداد الطبيعي للرسالة الإسلامية، فالامام علي يجسد المنهج الاسلامي في القول والعمل، وبالتالي فان ملاقاة سيد الاوصياء تمثل السير على نهجه وطريقه، الذي عمل طوال حياته على ترسيخه في المجتمع الإسلامي، حيث يقول ”وشيخك الخير علياً ذا الندى“، فقد اختار الشهيد مفردات تحمل الحب والعشق لسيد الاوصياء، من خلال تضمين الشطر مفردات ”الخير“ و”ذا الندى“، مما يعطي دلالة على عمق الولاء الذي يحمله الشهيد للامام علي .

بينما يواصل الشهيد سعيد الحنفي ارجوزته، باختيار مفردات تحمل توصيفا دقيقا، للامام الحسن ، فهذه المفردات ليست منفصلة عن المنهجية، التي حاول رسمها في البيت الأول، فالارجوزة عبارة عن سلسلة مترابطة، فكل شطر يكمل الحلقة التي تسبقها، وبالتالي فان ذكر اسم ”الحسن“، ليس من باب سرد الأسماء، وانما تعبير صادقا عن الدور المحوري، الذي تلعبه هذه الشخصيات في الامة الإسلامية، حيث يصف الحسن ب ”البدر“، مما يمثل استعارة واضحة على حجم الدور الذي تلعبه في الامة الإسلامية، خصوصا وان البدر يعطي النور في الظلمات ويرشد المرء للطريق السليم، وبالتالي فان دور الامام الحسن كبيرا في ارشاد الامة للصلاح، وانقاذها من الضياع.

وينقل المؤرخون ان سعيد الحنفي ارتجز بمجرد نزوله في الميدان يوم عاشوراء:

أقدم حسين اليوم تلقى أحمدا ## وشيخك الخير علياً ذا الندى

وحسناً كالبدر وافى الأسعدا

كاتب صحفي