آخر تحديث: 9 / 5 / 2024م - 12:28 ص

اراجيز الطف 20

محمد أحمد التاروتي *

تضمنت ارجوزة أبنا عروة الغفاري ”عبد الله وعبد الرحمن“ في يوم عاشوراء، جميع معاني النبل والشرف والوقوف بجانب الحق، وعدم التنازل عن نصرة ريحانة المصطفى ﷺ، فالابيات تحتوي على الفخر والشجاعة وكذلك الاعتزاز بالقبيلة، فضلا عن الدعوة الصادقة بالدفاع عن اهل بيت العترة الطاهرة ، من خلال القتال الشديد وعدم السماح للجيش الاموي، بالوصول الى الامام الحسين واهل بيته .

في الشطر الأول من الارجوزة يتحدث أبنا عروة ”عبد الله وعبد الرحمن“، عن صدق مواقفها في نصرة الحق والوقوف في وجه الباطل، فالمبادئ الفاضلة التي ترعرعا عليها تحول دون السكوت، او اتخاذ موقف الحياد، خصوصا وان النهضة التي قادها سيد الشهداء تحمل كافة القيم الفاضلة، مما يستدعي مساندتها وعدم تجاهلها، او محاولة التهرب من تحمل المسؤولية الدينية، تجاه نصرة حجة الله على الأرض، واظهار الموقف البطولي في هذه اللحظة التاريخية، حيث يقولا ”قد علمت حقا بنو غفار“، فالكلمات تحمل إدراكا يقينا لدى افراد القبيلة، بما يحملانه من قيم راسخة لا تقبل انصاف الحلول.

بينما يستكمل الشطر الثاني من الارجوزة، مسيرة المواقف البطولية، بحيث لا تقتصر المعرفة الراسخة، بالوقوف الى جانب الحق على افراد قبيلة ”غفار“، وانما تشمل كذلك بعض القبائل الأخرى، مما يعطي دلالة على السمعة الواسعة التي يتمتعان بها في بعض القبائل العربية، الامر الذي يكشف عن المكانة الرفيعة والوجاهة الاجتماعية، فالسمعة الطيبة تتجاوز الاطار الضيق لتشمل بعض القبائل الأخرى، حيث يحمل الشطر الثاني مفردات لا تقل أهمية، واعتزازا من الشطر الأول، اذ يقول ”وخندف بعد بني نزار“.

يأتي الشطر الأول من البيت الثاني، ليدخل في صميم الشجاعة والبطولة التي يتصفان بها ”أبنا عروة“، نظرا لاكتشاف الحقيقة ووضوح الرؤية، فالحق واضح والباطل بين، وبالتالي فلا يوجد تشويش في الرؤية على الاطلاق، مما يفرض القيام بالواجب، وعدم التردد في انزال العقاب على الجيش الاموي، من خلال استخدام ”الضرب“ وعدم التهاون مع ”الفجار“، خصوصا وان الجيش الاموي الزاحف لمقاتلة سيد الشهداء ، لا يتورع عن ارتكاب الجرائم الفظيعة، ولا يتحلى بالمرؤة والاخلاق العربية، حيث يقولا ”لنضربن معشر الفجار“.

ويواصل ”أبنا عروة الغفاري“ الارجوزة، من خلال استخدام مفردة تحمل دلالة عميقة في مقارعة الجيش الاموي، فاختيار مفردة ”عضب“ والتي تعني القطع، وعدم التساهل على الاطلاق في قطع الرقاب، فالشطر يحمل في طياته العزم والقوة، على استخدام البتار في قطع الأعداء، وعدم التهاون في القتال، حيث يقولا ”بكل عضب صارم بتار“.

ويحمل الشطر الأول من البيت الثالث، الدعوة الصادقة لعدم التردد او التهاون في نصرة اهل بيت الرسالة ﷺ، فالشهادة تحت راية سيد الشهداء تمثل ابرز مصاديق الدفاع عن المبادئ الحقة، التي يحملها الامام الحسين ، وبالتالي فان شرف التضحية بالنفس في سبيل نصرة الحق، لا يناله سوى من امتحن الله قلبه بالايمان، حيث يتحدث الشطر الاول عن ضرورة الذود عن ”بني الاطهار“، بالقول ”يا قوم ذودوا عن بني الأطهار“.

ويختم عبد الله وعبد الرحمن أبنا عروة الغفار، ابياتهما بالدعوة الى استخدام السيف والرمح، في الدفاع عن اهل بيت العترة الطاهرة ، فالموقف البطولي في ساحة القتال بارض كربلاء، يكشف مدى الحب العميق والاستعداد للتضحية بالنفس، وإراقة الدماء في سبيل نصرة سيد الشهداء ، حيث يحمل الشطر الثاني هذه الدلالة من خلال القول ”بالمشرفي والقنا الخطار“.

وينقل المؤرخون ان أبناء عروة الغفاري قالا اثناء الانحدار في ساحة القتال يوم عاشوراء:

قد علمت حقا بنو غفار ##وخندف بعد بني نزار

لنضربن معشر الفجار ##بكل عضب صارم بتار

يا قوم ذودوا عن بني الأطهار ##بالمشرفي والقنا الخطار

كاتب صحفي