آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 1:52 ص

خبز خبزتيه..

عبد الرزاق الكوي

ما جاء مع الربيع العربي وما قبله وبعده من احداث على ساحة الشرق الأوسط بشكل عام والمنطقة العربية بشكل خاص ليس مجرد صدفة وأحداث عابرة وأن يصل الوضع الأمني والسياسي والاقتصادي الى هذا المستوى من التدهور، بل ماحدث كان ولا يزال مخطط مرسوم أريد فيه لبلدان معينة ان تدمر عن بكرة ابيها، وتعود سنوات للوراء، بسبب اطماع سياسية واقتصادية او سيطرة على منابع الثروات الطبيعية لتلك البلدان والأهم تدمير البنية العسكرية، ولهذا السبب كان أحد الخيارات فتح المجال للمنظمات الإرهابية أن تعيث فساد في تلك البلدان وترتكب جرائم حرب تحت مظلة وأعين استخبارات عالمية دعمت تلك المنظمات وجعلته يملك كل تلك القوة والتواجد وقدمت الخدمات اللوجستية، لتدمير دول ذات سيادة واليوم تحتاج لسنين طويلة حتى تسترد عافيتها، فبعد ان عاثت هذه المجموعات قتلا وتدميرا تنهزم شر هزيمة وتباد قواتها على الأرض، وجاء اليوم الذي ينقلب فيه السحر على الساحر ويعود فيه هؤلاء الإرهابيين إلى اوطانهم في اصقاع الأرض بعد فشل دولة الخرافة، مستخدميهم واسيادهم التحالف الدولي كانوا يعيشون حلم ان شر هذه المجموعات بعيد عنهم، ولكن دعوة المظلوم أن يرجعوا بعد ان تشبعوا من الفكر التكفيري واشتد اجرامهم واستفحل خطرهم، مما يخلف ازمة عالمية ترتد الى من أشعل فتيلها ومن لعب بالنار تحرق هذه النار يد من اشعلها، ان كل من يملك وازع ديني وحس اخلاقي وبقايا عقل لا يتمنى هذا الاجرام ان يستمر في اي مكان وزمان وتعيش البشرية في أمن وأمان لكن الايدي الخفية تلعب بالعالم.

الآلاف من المقاتلين والقادة العسكريين والمنظرين والزعامات الارهابية بعد هزيمتهم ينتشرون في اصقاع الأرض مشكلين قنابل لا تقل خطرا عن القنابل المحرمة دوليا والاسلحة الفتاكة، فهذا الفكر الهدام لا يتورع عن فعل اي منكر واستخدام اي عمل إجرامي لتحقيق أحلامه السوداء واهداف مستخدميه الشريرة، فهذه المجموعات الرخيصة عند نفسها والرخيصة عند من يخطط لها استرخصت الدماء البريئة فمن يقف خلفهم اكثر منهم دموية واستباحة لأرواح الناس، فالاطماع هي من تحرك سياساتهم، فمنذ نهاية السبعينات وهذا المارد يربى وجاء اليوم ليفقد السيطرة عليه، او اريد له دورا آخر في لعبة من العاب السياسة الدولية اللاإنسانية.

فهذه المجموعات اليوم بعضها ينقل لخلق توتر في قارة افريقيا وغيرها من القارات ليستمر الواقع الأسود الذي تتبناه المخابرات العالمية، البعض الذي اختار الرجوع لمسقط رأسه حاملا الهزيمة والحقد والضغينة للعالم فلن يهدأ له بال سوف يصبح خطر لا احد يعلم متى ينفجر، مجموعات تعتبر خلايا نائمة تنتظر الاوامر لتخطط لموجة عنف تهدد السلم العالمي، ويتربصون بكل من يخالف توجهاتهم المريضة والشاذة، فهم لا يمكن ان يتفقوا مع احد او ينسجموا مع مجتمعاتهم في وئام وعلاقة ودية، فالجميع عندهم كفار يحل قتله وسلب ممتلكاته وسبي نساءه، اكتسبوا خبرات كثيرة خلال السنوات الماضية وتفننوا في القتل والغدر بدون اي وازع، والإعلام نقل جرائمهم في اكثر من واقعة يشيب من هول عظمتها الطفل الرضيع، وينفطر منه القلب وتقشعر له الأبدان، استحلت فيه أعظم الحرمات وهي قتل الأنفس البريئة، هؤلاء درع المخابرات العالمية استفادت منهم ودعمتهم وخططت لهم وافسحت المجال لسفرهم وجعلهم وقود لحرب شرسة، ونفايات يرجى التخلص منها، في زرعهم في مناطق اريد هدم اقتصادها وتدمير قوتها العسكرية.

اليوم خطرهم اشد فكانوا مكشوفين في ساحات الحرب واليوم خلايا نائمة حلقت لحاهم النتنه وواكبت انفسهم المريضة الموضة، والعالم في خطر ينتظر ما يخفي هذا المارد ومتى ينطلق، وكيف يغير من استراتيجياته ومامدى ما يخطط له ليضرب هنا وهناك حتى يحقق مآربه الشيطانية في التدخل في الشؤون العالمية، استخدموا كمرتزقة من حيث يعلموا اولا يعلموا، اليوم يشكلون هما عالميا يتنقل في جميع القارات على مستوى عالمي يستغلون التقدم التكنولوجي ووسائل الاتصال في خدمة مشروعهم الظلامي.

فالارهاب هذا عمله وما ينتج عنه من تحقيق تطلعات قوى عالمية والمتضرر كل من على هذه الأرض لم تسلم البلاد ولا العباد، فالمجموعات الإرهابية افلتت من يد رعاتها وداعميها، مجموعات باعوا انفسهم للشيطان عقولهم صغيرة مرضى القلوب يحملون فكرا ضالا، يمكن استعمالهم لمشاريع القتل والتفجير، وخطرهم يتعدى ذلك الى التبشير والدعوة لافكارهم لينظم المزيد لتشكيل خلايا ومجموعات جديدة بعيدة عن الأعين، وقودا للقتل والتفجير وقطع الرؤوس، هذه المجموعات بالأمس واليوم والمستقبل خنجرا مسموما في الخاصرة الإنسانية، فالتنظيمات توزع بقايا حثالتهم على العالم، ينتظرون التوجيهات محتفظين بروابطهم التكفيرية وحاملين ايدلوجياتهم معهم، يعملون بشكل شبه مستقل، من الصعب معرفتهم ونزع الأفكار الهدامة من عقولهم، بل ما عاشوه اثناء تواجدهم في ساحات القتال جعلهم اشد قسوة واجرام فقدوا الرحمة، اباحوا القتل وهي من اولوياتهم وهذا بيعتهم المدافعين عنها والسائرون على خطاها، العالم يفقد السيطرة والتعامل معهم وصياغة مشروع من أجل السيطرة عليهم، في ظل رفض اجتماعي لهم مخافة من خطرهم وارهابهم، فهم اليوم يملكون مهارات كثيرة من تنظيمية وعسكرية وفكرية واستخباراتية وقدرة على الافلات من الأجهزة الأمنية وبعضهم يحملون مؤهلات علمية يستخدمونها في خدمة مشاريعهم والدعوة لاعتناق افكارهم مع وجود منظرين واصحاب تخصصات في مجالات مختلفةً قادرة على غسيل العقول وتشكيلها حسب متطلبات التنظيم لا يستثنى منه الأطفال والنساء.

فقد سبقتهم عودة المقاتلين التكفيريين الارهابيين بعد الانتهاء من الحرب الاولى في افغانستان وهزيمة السوفيت، وما شكله العائدون من افغانستان بموجة من الارهاب في اكثر من منطقة، كفروا مجتمعاتهم وازهقوا الانفس وفجروا الاماكن.

فهذا الخطر الذي اوجدته قوى خفية في كثير من المناطق يتعدى المئات الآلاف، اليوم ماتبقى منه وبعد هزيمته يرعب العالم يخاف ويعيش الخوف بعودة مئات او بضع الآلاف من الارهابيين من ساحات القتال لمسقط رأسهم، فالبلاد المتقدمة لا تتحمل الوجع كثيرا، وليس متعودة على شرب الكأس المر الذي شرب منه المعذبون بسبب سياساتها، يعود الارهاب في عقر دارهم لا نه لا يرحم ولا يوجد له صديق، يختلط مع المقربين منه من الاسر والعوائل والاصدقاء مما يولد مجتمع من التكفيريين يتنامى خطرهم، ان فقدان الارهابيين لمساحات واسعة من الاراضي وهزيمتهم والضربات الموجعة والرافضة لوجودهم، سوف ينقلون هذا الفكر حيث وجدوا، مشكلين بؤر فاسدة أكثر تعقيدا، يعملون تحت ستار شركات وهمية واعمال انسانية كاذبة تتخطى اعين الأجهزة الرقابية، تغير من استراتيجيتها واستخدامها لتقنيات عسكرية وتنظيمية اكثر خطرا وتعقيدا، تعلموا كثير من الصناعات التي تشكل تهديدا كبيرا للامن العالمي.

اليوم محاربة هذا الخطر ليس في مطاردته والبحث عن تواجده وكشف خلاياه النائمة والمتخفية فقط، بل للعالم يحتاج كشف من يقف خلف هذه المجموعات وقدم لها كل الخدمات اللوجستية والعسكرية نافست فيه جيوش بلدان شهد لها العالم بقوتها العسكرية وتنظيم جيشها، فإذا انتهى اليوم داعش فالمخابرات العالمية تقوم بمخططات اخرى لزعزعة السلم العالمي بما يخدم اجنداتها، العالم يحتاج تجفيف منابع الحياة لهذا الإرهاب المتنقل لتنعم البشرية بعيدا عن شره.