آخر تحديث: 2 / 5 / 2024م - 1:07 ص

معلمنا رحل.. الأستاذ عبدالله العقيلي

برير السادة

بالأمس غادرنا معلمنا وأستاذنا عبدالله العقيل، قرأت نعيه في أخبار الراحلين إلى جوار ربه، فطافت بي ذكريات المدرسة ومراحل التعليم، وأحمد شوقي ”قم للمعلم وفه التبجيلا“ وصفي الدين الحلي ”حياة ُ مُعَلِّمٍ طفِئَتْ وكانتْ سراجاً يعجبُ الساري وضيَّا“ وآخرين من أمثال الرصافي والبردوني. أخافني هذا الرحيل في أن ينتهز الجهل والظلام فرصته ويعاود التسلل إلى قلبي مرة أخرى.

عرفناه نبيلا متمكنا من إدارة درسه ومنهجه، موغلا في أعماق درس ”العلوم“، يتخير أبسط الطرق وأسهلها لإيصال المحتوى. ينتهي القلق ويتبدد حين يبدأ الدرس، فيطفئ ما أشعله الآخرون من ضجر وبرود، ويعيد الحماسة لقاعة الدرس والابتسامة والانبساط للطلاب ويغادر متبسما كما يحضر، قليل الكلام حتى كأنه ينفث علينا مما يوحى إليه في مادة ”العلوم“. بقيت صورته حاضرة في الوجدان حين رحل منه من رحل طيلة ثلاثة عقود من الزمان، ودفن فيه من دفن.

احببت سمته الهادئ ورزانته، ونبذه للعنف والتهتك وإصراره أن يرسم التعليم كرسالة سماوي، وأبوة يقتدي بسلوكها الأبناء، فكان مثالا لحكمة القديس ”إن للعالم ثلاث علامات: العلم والحلم والصمت“ فالمعلمون رسل وشريعتهم النور والحرف وإن لم يكن في عداد المرسلين الذين يحملون قبسا في أشرعة الظلام. نعم التعليم رسالة نبيلة قادرة على إحياء موتى الجهل والضمير، ورفع أغلال التقاليد المعيقة لحركة المجتمع في سبل التقدم. لذا كان للمعلم حق الإجلال والإكبار.. ”فأما حق سائسك بالعلم: فالتعظيم والتوقير لمجلس، وحسن الاستماع إليه والإقبال عليه“ رسالة الحقوق