آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 2:07 م

لو رفع ابنك عليك صوته ماذا تفعل؟

الدكتور جاسم المطوع *

قال: أنا متضايق جدا من ابني المراهق لأنه صار مدمنا علي الألعاب الإلكترونية، ثم أضاف بقوله بأني متوقع أن يكون ابني مثلي أو أحسن مني ولكنه صار خلاف ما توقعت وبدأت أشعر باليأس والإحباط، فقلت له: كم مرة باليوم تنتقد ابنك عندما تشاهده يلعب بالألعاب الإلكترونية؟ قال: كثير، قلت: وهل جربت أن تأخذه معك عندما تخرج مع أصحابك أو عند انجاز مهمة؟ أو هل تجلس معه كل يوم ساعة كاملة تخطط معه لعمل برنامج مشترك؟ أو أنك تشبع شغفه التعليمي بأشياء يهتم بها؟ أو تعرفه علي أشياء جديدة وخبرات جديدة بالحياة؟ أو أنك تكلفه ببعض المسؤوليات ليعملها؟ فصمت وهو ينظر إلي، فقلت له: لماذا أنت صامت؟ قال: لأني لم أفعل كل ما ذكرته أو قد أكون فعلتها مرة أو مرتين ولما لم أرى نتيجة لم أكررها، قلت: إذن ابنك جيد لأنه عرف كيف يستغل وقته بالألعاب الإلكترونية بدلا من عمل المشاكل، فاستغرب من كلامي.

ثم قلت له: إن أبنائنا المراهقين يكرهون فينا عدم فهمنا لهم في هذه المرحلة لأنهم انتقلوا من عالم الطفولة إلي عالم الكبار، ولكننا نحن ما زلنا نتعامل معهم علي أنهم أطفالا صغار، ولهذا هم لا يتفاعلون معنا ولا يستجيبون لنا، وبعض الأباء لديهم «عقلية المباحث» مع أبنائهم لأنهم يراقبونهم 24 ساعة ويتجسسوا عليهم فيخسرون أبنائهم، وبعض الآباء لديهم «العقلية التسييبية» وهي أن يتركوا الحبل علي الغارب ولا يسألوا أبنائهم أين خرجوا أومن أين جاؤا، قال: وأنا صرت بالنهاية بعدما صار عندي احباط من هذه العقلية التي تتحدث عنها.

قلت: لابد أنك تفرق بين حل المشاكل التعليمية أو الصحية وبين المشاكل الإجتماعية والتربوية، فالتعليمية والصحية وغيرها ربما تعالج المشكلة بيوم أو يومين وتعرف خطوات العلاج بوضوح من جلسة واحدة، بينما المشكلة الإجتماعية وخاصة التربوية تحتاج لوقت طويل وأن تجرب أكثر من خطة علاجية وحل حتى تنجح بالعلاج، وقد يستغرق منك هذا الجهد أشهر أو سنوات، قال: هذا ما اكتشفته مأخرا، قلت: والمراهق عندما يرفض توجيهك أو كلامك فلا يعنى ذلك أنه مقتنع برفضه، بل قد يكون هو مقتنع بكلامك ولكنه يريد أن يرى أبا قويا في النقاش والجدال، ويشاهد أبا واثقا من نفسه لأنه يمر الآن بمرحلة النضج وإثبات الذات، أو قد يكون هو سعيد بالألفاظ اللغوية التي يستخدمها لأول مرة في حياته أثناء النقاش معك بسبب النمو اللغوي والمعرفي عنده، فأنت لا تأخذ الموضوع بشكل شخصي وتفقد علاقتك بإبنك لأنه رفض توجيهك.

وإذا ارتفع صوت ابنك المراهق عليك بالنقاش فلا تكمل معه النقاش، بل قل له طالما الأصوات ارتفعت فنتوقف عن النقاش ساعة ثم تعال لنكمل النقاش، حتى لا تتحول العلاقة لتحدي ورفع للصوت والضرب أحيانا، وأنا أعرف كثيرا من العائلات خسرت أبنائها وبناتها في مرحلة المراهقة بسبب رفع أصواتهم وعدم احترام الوالدين وقت النقاش.

والأمر الأخير والمهم أن المراهق تزداد مشاكله الخارجية كلما فقد ذاته وثقته في بيته وبين عائلته وأرحامه، فارتباط المراهق بعائلته مهم جدا لأنه بهذه المرحلة يبحث عن الإنتماء، فلا نعطيه فرصة لينتمي بصحبة سيئة في الخارج، بل نعزز ثقته بنفسه ونربطه بعائلته ونساعده علي اختيار الصحبة الصالحة