آخر تحديث: 2 / 5 / 2024م - 1:07 ص

الطَّائرة والعاصفة.. قولوا يا الله!

المهندس هلال حسن الوحيد *

لابد أنكم ركبتم طائرةَ سفر! حكايتنا في الحياة تشبه الطَّائرةَ والملَّاح والرَّاكب، نصعد درجاتِ السلَّم، نشد الحزام، تُخفت الأنوار، ثم نأكل وننام ونتسلى، بيننا وبين الملَّاح باب - فلا نراه - سوف يوصلنا حيث نريد. لا نشغل بالنا بما خلفَ الباب إلا حين تهتز الطَّائرة، كيفَ ينقذ الملَّاح الرِّحلة وكيف نصل؟ ثم إذا ما أُطفأت شارةُ الخطر عدنا لما كنَّا فيه، ونسافر مرةً أخرى ومرَّات!

كم مرَّة في اليوم يقول الغنيّ والصَّحيح والآمن والشابّ يا ربّ؟ مرَّة واحدة، اثنتان، عشر مرَّات؟ جربوا واحصوا كم مرَّة في اليوم تقولون: يا الله أو يا ربّ! سوف تجدونها تتناسب عكسيًّا مع حالتكم الصحيَّة وحاجاتكم الدنيويَّة. هو الإنسان متى ما كان بخير، قليلًا ما يستنجد بالله، ويتصل به. وحين - لا سمحَ الله - يمرض أو يفتقر، في كلِّ لحظة، يا الله ويا ربّ!

قال موسى عليه السَّلام: يا ربّ، أقريبٌ أنتَ فأناجيك أم بعيدٌ فأناديك؟ فإني أحسّ صوتكَ ولا أراك، فأينَ أنت؟ فقال الله: أنا خلفكَ وأمامكَ وعن يمينكَ وعن شمالك. يا موسى، أنا جليسُ عبدي حين يذكرني، وأنا معه إذا دعاني.

”ابن آدم، اذكرني في نفسكَ أذكرك في نفسي، ابن آدم، اذكرني في خَلأ أذكرك في خَلأ، يا ابن آدم اذكرني في ملأ أذكرك في ملأ خير من ملئِك، وقال: ما من عبدٍ يذكر اللهَ في ملأ من النَّاس إلا ذكره اللهُ في ملأ من الملائكة“.

يحكى أَن رجلًا خرجَ فِي وَجهِ شتاء، فَابْتَاعَ بِأَرْبَع مائَة دِرْهَم، كَانَ لَا يملك غَيرهَا، فراخَ الزرياب للتِّجَارَة. فَلَمَّا ورد دكانه بِبَغْدَاد؛ هبت ريحٌ بَارِدَة، فأماتتها كلهَا إِلَّا فرخًا وَاحِدًا، كَانَ أضعفها وأصغرها، فأيقن بالفقر. فَلم يزل يبتهل إِلَى الله، تَعَالَى، ليلته أجمع بِالدُّعَاءِ والاستغاثة، ويسأله الْفرج مِمَّا لحقه، وَكَانَ قَوْله: يَا غياث المستغيثين، أَغِثْنِي. فَلَمَّا انجلى الصُّبْح؛ زَالَ الْبرد، وَجعل ذَلِك الفرخ الْبَاقِي ينفش ريشه، وَيَقُول: يَا غياثَ المستغيثين، أَغِثْنِي. فَاجْتمع النَّاس على دكَّان الرجل، يرَوْنَ الفرخ، ويسمعون الصَّوْت. فاجتازت جَارِيَة راكبة، من جواري الحاكم، فَسمِعت صَوت الطَّائِر، ورأته، فاشترته بألفي دِرْهَم.

مستشار أعلى هندسة بترول