آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 7:26 م

أأعجبك الشاي؟

أمين محمد الصفار *

غمرتني فرحة كبيرة بالهداية التي اهداني إياها صديقي القديم هدية السفر وكانت عبارة عن علبتي شاي من أذربيجان، صرت حينها أتذكر عدد من القصص والاحداث التي يكون فيها الشاي أو الحديث عنه دور البطولة، حتى راودتني نشوة الكتابة عن الشاي هذه المرة.

صديقي العزيز هو من الأصدقاء القدماء المعتقين الذي لهم طعم ومذاق خاص، بدأت صداقتنا ونحن في المرحلة متوسطة، وفي تلك السنة أيضا أتذكر أننا كنا ندرس نصاً عن الشاي، كانت به معلومة مازلت أتذكرها وهي: أن نصف العالم يشرب الشاي، وعلق أحد زملاء الفصل حينها مازحاً ”بأن النصف الأخر من العالم أكيد يشرب القهوة“. بيد أن الأكيد فعلاً أن دول الشرق «سيما تلك التي تزع الشاي والموطن الأصلي له» تستهلك الشاي أكثر من القهوة، بينما دول الغرب تستهلك القهوة أكثر من الشاي، والشعب الإنجليزي هو من أكثر شعوب أوروباً تذوقاً واستهلاكاً للشاي في أوروبا. اكتشف الصينيون الشاي في القرن الثالث الميلادي بينما اكتشفت القهوة في القرن الخامس عشر، نشاهد الآن كل دول العالم تقريباً تستهلك وتتفنن في شرب وإعداد كل من الشاي والقهوة وبنسب متفاوتة.

القهوة في الفن التشكيلي لها حيزاً كبيراً، حيث نلاحظ القهوة بكل أدواتها تنال مساحة واسعة في اللوحات التشكيلية، وكذا الأمر في الشعر العربي بشقيه، إذ خذت القهوة نصيب الأسد مقارنة بالشاي في هذا المجال لكن ربما التصوير الفوتوغرافي مال أكثر قليلاً لصالح الشاي إذ أصبحت أكواب الشاي أكثر تواجداً في الصور الفوتوغرافية.

دخل على كل من الشاي والقهوة مشروبات وأصناف مختلف أصبحت تضاف إليهما، فأخذت القهوة قصب السبق والعدد الأكبر من المشروبات التي يضاف إليها القهوة، فيما ظل المشروبات التي يضاف لها الشاي محدودة سواء المشروبات الساخنة أو الباردة. ويستحوذ الشاي على طقوس خاصة لدى بعض الشعوب كالصينيين والإنجليز، وهو ما لا تحظى به القهوة. أما من ناحية الأسعار، فبالنسبة للأصناف الشعبية تعد أسعار الشاي الأقل مقارنة بالقهوة، بينما في الأصناف الفاخرة فأسعار الشاي تعتبر أعلى سعراً من أصناف القهوة الفاخرة، والأسعار تتفاوت تبعاً للدول التي تباع فيها.

تغزل الكثير من الشعراء بالقهوة وهناك مساجلات ومقارنات شعرية عديدة مما جعل الكفة تميل تماماً لصالح القهوة، ويمكننا أن نحصي الكثير من القصائد التي افتتنت وتغنت بالقهوة، بالرغم من أن هناك قول يرى أن المقصود بالقهوة لدى العرب قديماً ليس القهوة الحالية بل الخمر، مستشهدين بأشعار أبي نواس ووصفه لها مثله قوله:

أدرها وخذها قهوة بابلية * لها بين بُصرى والعراق كروم

وكذلك شعر أبي تمام وأن المعتز، بينما يمكننا أن نحصي القليل من الأشعار التي يمكن اعتبارها ذماً في الشاي أو القهوة، ومنها قول أحدهم:

لولاك يا سكر ما شربناك يا شاهي

وفي مدح الشاي، يقول الشاعر أحمد صافي النجفي في قصيدة طويلة مطلعها:

لئن كان غيري بالمدامة مولعاً *** فقد ولعت نفسي بشاي معطر

ويقول الشاعر محمد العلي أيضا:

أن هذا الشاي لو صب على  *** ميت في القبر أحيى عظامه

ومن أشهر ما قيل في ذم القهوة غير المضاف لها الهيل:

الدلة اللي ما تبهر من الهيل  *** مثل العجوز اللي خبيث نسمها

أما نزار قباني فقد امتلئ شعر بالقهوة لكنه في قصيدة يتيمة له سأل محبوبته ”أأعجبك الشاي؟“

لم يكن زميلي في الفصل الدراسي الذي مزج موضوع الشاي بمزحة المقارنة بينه وبين القهوة الوحيدة في مثل هذه المقارنة، إذ عادة ما يكون الحديث عن الشاي يستجلب تلقائياً الحديث القهوة والعكس صحيح أيضا، ومن هنا وجدت نفسي في هذا المقال الذي اردت أن اخصصه للحديث عن الشاي وإذ بي أمزجه بالمقارنة بالقهوة أيضا.