آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 4:16 م

موتٌ وقلم

ليلى الزاهر *

الكاتب يزجّ بنفسه في جميع طرق الحياة وتفرعاتها يشطر نفسه شطرين، لقلمه شطر ولمن يُحب شطرا آخر.

يحادث قلمه ليلًا عندما يخلد الجميع للنوم ينقل له ماحدث فيحدق قلمه به مندهشًا تارة وأخرى حزينا وفي جميع الأحوال هو عبد مطيع ينحني لسيده فيكتب جميع ما يأمره به.

قد يناقش موضوع الساعة على مسرح الحياة وقد يكون موضوعه غارقًا في الحزن إلا أنني أدرك أن الموت لا يندحر إلا بعد أن يلفظ الإنسان أنفاسه الأخيرة وتبدأ بعدها رواية الأحزان المتفرقة هناك وهناك بين أم تعيد الذكريات وأب يحبسه الألم عن الحديث، وأخ يفارق جليس روحه وأخت تبكي ويعلو صوتها.

جميعهم بحاجة لمواساة بعد فقْد حبيبٍ وهيهات أن يعود الحبيب وقد اتسعت خطاه نحو الغوص في الرمال في سفر بعيد ماله من قرار.

يحملني القلم على أن أكتب صرخات الفاقدين وأُعبّر عن أحزانهم فمشاهد الحزن تتكرر مرارا ويقف الموت شاخصًا للعيان، يمتلك البطولة المطلقة.

بالأمس غادر صديق واليوم جارٍ عزيز وفي الغد رواية جديدة تحمل حزنًا جديدًا.

غيّب الموتُ لنا أحبابًا خلف أستارٍ لايمكن أن نعيد فتحها فهي موصدة بإحكام.

ويبقى الإنسان المؤمن يتهكم على الحزن لأنه آمن بالقضاء الإلهي واتسعت دائرة إيمانه أحبّ الله فخضع لأوامره وأذعن للقدر بجميع صروفه، وما الحياة في نظر الإنسان المؤمن سوى لوحة فنية امتلأت بالرموز تدعو للتأمل وتخاطب بذرة الإيمان التي زُرعت في أعماق القلوب تهتف قائلة:

﴿أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ «النساء: 78»

وقبل أن أختم حديثي لابد أن أخبرك بأننا نسير في طريق مُوحش فلا يرافقنا إلا العمل الصالح ويظلُّ الخير بين أيدينا شعلة تُضيء كهوفنا حينما نتوارى خلف الحُجب.