آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 1:52 ص

أليست الحياة جميلة.. فلماذا ينتحر بعضُ الشباب؟!

المهندس هلال حسن الوحيد *

يجد بعض الشَّباب في الحياةِ والموت ”أمران أحلاهما مرُّ“ ويختارون الموتَ على الحياة انتحارًا وانسحابًا وانهزامًا. تقول منظمة الصحَّة العالميَّة أن ضحايا الانتحار يقدرون بنحو 703 ألفَ شخصٍ حولَ العالم كلَّ عام، وشخص واحد يفقد حياته، بسبب الانتحار كلَّ ثانية. حتى صارَ الانتحار يعدّ السبب - الرَّابع - لوفاةِ الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و19 عامًا.

ويقدر بأن نحو 20? من حالاتِ الانتحار العالميَّة تكون بواسطة التسمم بالمبيدات، ومعظمها يقع في المناطقِ الزراعيَّة الريفيَّة في البلدانِ المنخفضة والمتوسطة الدخل، ومن أساليبِ الانتحار الأخرى الشَّائعة قتل النفس شنقًا أو بإطلاقِ أعيرةٍ ناريَّة وبالأدوية.

الحمد لله أن هذا يحصل قليلًا في مجتمعاتنا، إلا أن استسهال الشَّباب الموتَ بطريقةٍ أو أخرى حاصلٌ ومتكررٌ عندنا. فلماذا هذا النهر الجاري المتدفق بالحياة يفقد الرَّغبةَ في الجريانِ والتدفق؟ لا أعرف الجواب، لكن الصَّبر على صعوباتِ الحياة يحتاج إلى إيمانٍ بأن بعدَ كلِّ ظلامٍ يأتي ضياء وبعد كلِّ شتاءٍ يأتي ربيع، وأن خالقَ الكون موجودٌ ويرعاه.

ويبقى واجبنا - الآباء والأمهات - أن نعمل على تعريفِ الأبناءِ والبنات بقيمةِ الحياة وجمالها وتعزيز القيمِ الاجتماعيَّة والعاطفيَّة عندهم. ثم التعرف مبكرًا على من يظهرون سلوكيَّات احتقارِ الحياة وعدم المبالاة بها. فهل حلَّ الموتُ يومًا مشكلة؟ إنما يزيدهَا بؤسًا وشقاء! فكيف نساوي الموتَ مع الحياة؟!

﴿وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُون تعني أن من أكبرِ الكبائر عند الله اليأس من روحِ الله والقنوط من رحمةِ الله. آية يعرفها من آمنَ ومن كفر، لأن تقلبات الدنيا تصيب الكافرَ والمؤمن على حدٍّ سواء. إنما المؤمن يجد الرَّاحةَ في الإيمان والكافر لا رُوْحَ في إيمانه. ولربما كانت المصائب هباتٍ وعطَايا من اللهِ للمؤمن.

لم أرَ قط أصدق من قولِ الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السَّلام، في أن الموتَ قد يكون بداية المشكلة، لا نهايتها:

وَلَو أَنّا إِذا مُتنا تُرِكنا ** لَكانَ المَوتُ راحَةَ كُلِّ حَيِّ

وَلَكِنّا إِذا مُتنا بُعثِنا ** وَنُسأَلُ بَعدَ ذا عَن كُلِّ شَيءِ

أما جيل اليوم: فهل تصدقون أن الحياةَ في الماضي كانت أكثرَ بؤسًا ومشقَّةً وفقرًا، ومع ذلك لم يكن مستوى اليأس والقنوط والاستسلام كما هو عليه اليوم؟!

مستشار أعلى هندسة بترول