آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 1:52 ص

جيل 7/1 لمن يجهله!

المهندس هلال حسن الوحيد *

هو ذلك الجيل الذي لم يعرف بالتَّحديد في أيّ يومٍ من أيّ شهر كان مولده، لأن أباه وأمه لم يدونا تاريخَ الولادة، فأغلب الآباءِ والأمَّهات كانوا أميين، لا يقرأون ولا يكتبون. ثم حين تطورت السجلَّات الحكوميَّة وُضع في خانةِ تاريخ الميلاد اليوم الأول من الشَّهر السَّابع الهجري.

جيل 7/1 لم يحظ بالترف والرفاهيَّة في سنواتِ الطفولة والمراهقة التي حظيت بها الأجيال التي بعده، فكان أغلبه محدود الدَّخل والقليل الباقي ميسور الحال. لا سيَّارة في عمر الثَّامنة عشر ولا وجبات أكل خارج المنزل ولا حواسيب وأجهزة تواصل ولا مصروف يومي لأغلب الطلَّاب الذين عملوا في كلِّ إجازاتِ فصل الصَّيف من أولها وحتى آخر يومٍ فيها.

جيلٌ تعلم على اللوح الأسود والطباشير البيضاء وجلسَ على أرضِ الغرفة دون فراش لأنه لم يكن في بعض الصفوف مقاعد خشبيَّة تكفي لكلِّ الطلاب. أما أيادي وأرجل ذلك الجيل فنالت ما نالت من عصيّ المدرسين ومدراءِ المدارسِ المخلصين، إذا هم غابوا يومًا أو حصةً واحدة عن الصفّ المدرسي أو قصروا في أداءِ الواجب المنزلي لأن الكهرباءَ انقطعت طويلًا. كانت وسائل النقل بين المدن حافلة ليس فيها تكييف، وبين المدارس في المدينة الواحدة قطع المسافات بالضحك والمرح والصَّداقات صيفًا وشتاءً.

ذلك الجيل حصل على أفضلِ التعليم وأفضل الفرص الوظيفيَّة، كان متاحًا له كل شيء من مختلفِ التخصصات الهندسيَّة والطبيَّة والتقنيَّة. وإن أرادَ الاكتفاء بما هو أقل من الشَّهادة الجامعيَّة والدِّراسات العليا، فإن الوظيفة مضمونة، إما في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص، أو العمل الشخصي.

جيل اختارت أمهاتهم الزَّوجات، لكنهم لم يطلِّقوا ولم يعلِّقوا. بل تحابوا وتوادّوا وأنجبوا وعلَّموا أبناءهم، فهاهم الأبناء اليوم أطبَّاء ومهندسين وتجار وفي كلِّ مهنة. الجار يعرف الجار والكل ينام وأبواب الدور مفتوحة، يحترم الكبير ويوقر الصَّغير!

بإمكاني أن أكتب لكم صفحاتٍ عن مآثر ذلك الجيل المثابر، وكلها حقائق، فذلك الجيل الباني يستحق كلَّ التقدير والاحترام، هو اليوم يدخل في مرحلةِ الشَّيخوخة. ويأتي من بعده جيلٌ مبارك يأكل ما زرعَ ذلك الجيل - 7/1 - ثم يزرع هذا الجيل لمن يأتي بعده، وهكذا هي الحياة، زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون!

كم في ودي أن أقرأ ما يكتب الجيل الحاضر عن نفسه حينما يكبر ويشيخ، وتلك أمنية ورغبة دونها خرط القتاد! لكنني واثقٌ تمامًا أنَّ هذا الجيل وما بعده سوف يكتبون أجملَ الذِّكريات وأجمل المنجزات. ذلك إن هم عملوا بجدّ وبصدقٍ وأمانة ودين ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ.

مستشار أعلى هندسة بترول