آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 1:39 ص

يا بَختك يا سلمان آل حبيل!

قرأتُ خبرَ وفاة الحاج سلمان رضي آل حبيل وقلت: يا بختك يا سلمان!! لا تستغربوا لأني ما حزنت بل فرحت وهذه الخاطرة أقرب للتهنئة منها إلى من العزاء!

لم أحزن لأن الدنيا تطحن أهلها، اليوم سلمان وفي الغد غيره ولن يعيشَ سلمانٌ أطولَ مما عاش. لكنني فرحتُ وهنا المفارقة الكبرى! يموت النَّاس في الدور والمستشفيات وفي الحوادث وأين ماتَ سلمان؟ كان سلمان يحب أن يزورَ بيتَ الله كثيرًا ويقومَ بخدمته فقال له الله: إذًا، يا سلمان أنت تموت مستعدًا للصلاةِ في بيتي، تموت في المسجد يا سلمان!

إذا قررتَ أن تصلي في مسجدِ آمنة - في منيرة القطيف - وقلت أذهب باكرًا أول المصلين فأنت مخطئ، لأنك لن تدخل المسجد قبل سلمان آل حبيل. إن دخلتَ باكرًا جدًّا ترى رجلًا جالسًا على كرسيّ في باحة المسجد بيده مسبحة يقلبها كما قلبته الأيامُ وأوجعته وصبر عليها. وإذا لم تجده في باحةِ المسجد فهو في الدَّاخل يصلي في انتظار الأذان.

إذا دقت ساعةُ الأذان قامَ سلمان شابًّا وأذن، وما أحلى أذان سلمان! ثم إذا انتهت فريضةُ المغرب فسلمانٌ أيضًا هو من يطالب النَّاس بالصلاةِ على محمد وآل محمد، ويعلو صوته: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا. تنتهي تعقيباتُ صلاةِ المغرب وتسمع الإعلان: الليلة لا تنسوا حضور المناسبة في بيت ”أبو علي“ سلمان آل حبيل، حزنًا المناسبة كانت أم فرحًا. ثم ينتفض سلمان بالأذانِ لصلاةِ العشاء، ومرَّة أخرى يطالب النَّاسَ بالصلاةِ على النبيّ وآله في انتهاءِ فرضِ صلاةِ العشاء.

إذًا، هل عرفتم لماذا قلت: يا بختك.. يا حظَّك.. يا سلمان؟ يا سلمان تحشر وأنتَ من أطولِ النَّاسِ أعناقًا. قال أميرُ المؤمنين عليه السَّلام: يحشر المؤذنون يوم القيامةِ طوال الأعناق. ويا بختك يا سلمان لا تعذب في القبر. عن النبيّ صلى اللهُ عليه وآله وسلم قال: إن المؤذنينَ أطول النَّاس أعناقًا يوم القيامة ولا يعذب في القبرِ من أذَّن سبعَ سنين.

يا حظَّك يا سلمان ويا خسارة من يحبوك ويا خسارة مسجد آمنة ومن يذهب للصلاةِ هناك! اليوم لن يقول أحد: أذِّن يا سلمان. لأن سلمان مات واستراحَ من تعبِ الدنيا واستقبلتهُ الآخرةُ بكلِّ تفاصيلها الجميلة. كان جارًا لنا مدَّةً طويلة في تاروت وما عرفنا منه إلا الطيبة وما رأيته مرَّة ولم يسأل عني وعن أخوتي!

تبًّا لها من دنيا تأخذ من نُحب وتترك من نَبغض، وكأنها تسير بعكسِ هوانا ومشتهانا! للهِ الأمرُ من قبلُ ومن بعد.

مستشار أعلى هندسة بترول