آخر تحديث: 29 / 4 / 2024م - 1:36 م

آداب السؤال

المهندس أمير الصالح *

هل شعرت بالاحتقان عندما تفاعلت مع سؤال لأحد ما، فشاركت في تعليق أو تبرعت بالإفادة بمعلومة بناء على استفسار عام طرحه أحدهم في قروب أو مكان عام وطلب ممن لديه أي معلومة الإفادة بها؟

هل شعرت بالندم لكونك تفاعلت بشكل سريع وعفوي مع تساؤل أحدهم؟

هل شعرت بالغبن عندما اعرضوا عنك ولم يشكروك على تفاعلك وحسن إجابتك؟

هل شعرت بالاستفزاز من السائل عندما طلب منك تفاصيل مملة لتوثيق كلامك وكأنك تتعرض للاستجواب؟

لا عليك من كل تلكم الممارسات الخاطئة من قبل بعض السائلين، فالحقيقة الملموسة هي أن الكثير من الناس فقدوا أو يفتقدون الذوق وفن آداب السؤال. لذلك ومن الواجب الأخلاقي أن من يشعر بالاحتقان عليه أن يسعى في نشر ثقافة آداب طرح السؤال قبل وأثناء وبعد رفع أي سؤال أو طلب معلومة من الآخرين في العالم الافتراضي أو الواقعي بطريقة الإيحاء أو التقمص للأدوار أو الافتعال للمحاورة. حتما تراكم الغبن في نفوس المتجاوبين الصادقين مع تساؤل المهمشين السائلين، سيجعل منهم إن عاجلا أو آجلا مُعرضين عن أي تفاعل مع السائل ”الدفش“ أو المهمل أو الممل أو الاستجوابي.

ولكوني تعرضت لذات الموقف أكثر من مرة وكنت مغبون بعد جوابي وتفاعلي السريع على سؤال أحدهم، وجدت أن علي أن أكون أول نموذج يقوم بدور نشر وتعزيز ثقافة التوعية على هذا الجانب من آداب التفاعل بعد طرح التساؤل.

ولذا أهمس في أذن السائل بالأمور التالية:

قبل إطلاق السؤال: من الواجب على صاحب السؤال أن يُشخص بالتحديد الشي الذي يستفسر عنه وبالتحديد «زمن، مكان، سعر، مورد، سعة، ارتفاع، كفاءة»

أثناء السؤال: يحتبس السائل نفسه بعض الوقت حتى تتضح له معالم التفاعل والنطاقات التي شملتها الأجوبة ويكون مستمع جيد لأقوال الآخرين حتى لو أنه مُلم بما يقولونه

بعد السؤال: تقديم الشكر والثناء والامتنان على كل المتفاعلين مع الاستفسار حتى لو لم يضيفوا جديد عما لديه.

وهنا على السائل أن يكون ذكي بالحد المعقول فيشخص المناسب لطرح السؤال عليه قبل أن يتكلم. فلا يطرح السائل سؤاله لمن ليس لديهم اطلاع كاف أو لا يضيفون إليه معلومة يريدها.

واحدة من أبشع صور الغبن هو أن أحدهم يسألك عن أحسن مطعم أو ملحمة في مدينتك. وبعد جوابك بأريحية وطيب نفس، يرد عليك برد صادم فيقول لك: هذا المطعم أو الملحمة أكلهم أو لحمهم خايس وزفر وحتى لو ببلاش ما أخذه. ولسان حاله يقول ذوقك والأكل الذي تتناوله هنالك يلوع الجبد. شر البلية ما يضحك، هذا النوع البشري من المفضل أن لا تتفاعل مع تساؤلاته إن أمكنك إلى أن يستقيم أو إلى يوم القيامة، لانعدام الذوق الأدبي لديه.