آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 12:27 ص

شاورَ أمه فربحَ شِوال ذهب.. هل نستشير أمهاتنا؟!

أمِّي من الطِّرازِ القديم، من جيلٍ لم يشاهد هذا التطور والعلم، وأنا درستُ في أرقى الجامعات وحصلتُ على أعلى الشَّهادات، ثم ينصحوني: إذا أحببتَ البركة تأتيك شاور أمَّك! أي نعم شاورها واليوم أحكي لكم قصَّةَ صاحبِ البقرة الذي ربحَ الذَّهب بسبب حصافة وجمال وبركة رأي أمه. ومن الأسف أن الكثير منا لا يرى عائدًا من النَّظر في رأي الأم!

السورة الثَّانية من القرآنِ الكريم اسمها سورة البقرة. يقولون: إن هذه البقرة كانت ملكًا لشابٍّ صالح على غاية البر بوالده. هذا الرجل واتته سابقًا فرصة صفقة مربحة، كان عليه أن يدفعَ فيها الثمن نقدًا وكانت النقود في صندوقٍ مغلق مفتاحه تحت وسادة والده. حين جاء الرجل ليأخذَ المفتاح وجد والده نائمًا، فأبى إيقاظه وازعاجه، ففضَّل أن يتركَ الصَّفقة على أن يوقظَ والده ولذا أرادَ الله تعالى تعويضه على إيثاره هذا بمعاملةٍ أخرى وفيرة الربح. وهنا بدأت صفقة بيع البقرة الصَّفراء فاقعة اللون.

رأى نفرٌ من بنى إسرائيل الابنَ وهو يقود البقرةَ بعد أن عرفوا من نبيّ الله موسى بن عمران عليه السَّلام الصفات التي أرادها اللهُ في البقرةِ المراد ذبحها. أرادَ هؤلاء القوم شراءَ البقرة من الابن فقدموا له الدراهمَ فرفض، قدموا له الدَّنانير فرفض فسألوه عن الثَّمن الذي يطلبه فأجاب الابن: لن أبيعها قبل أن أستشيرَ أمِّي وكان ذلك الابن بارًّا بأمه، كان يقضى نهاره في جمعِ الحطب ويقسم ثمن ما يجمعه من الحطبِ إلى ثلاثة أقسام: قسم يأكل منه وقسم يعطيه لأمه لترعى أمورها وقسم ثالث يتصدق به. كما كان هذا الفتى يقسم ليله إلى ثلاثةِ أقسام: ثلث يكون فيه خاضعًا لأوامر أمه وراعيًا لها ومنفذًا لرغباتها وثلث يكون فيه عابدًا لله متبتلًا إلى خالقه عزّ وجل والثلث الأخير من الليل ينامه.

ذهب الابنُ البارّ إلى أمه يستشيرها في أمرِ بيع البقرة وقال لها: عرضوا عليّ ثلاثةَ دنانير فقالت الأمّ: هذا المبلغ لا يساويها، إنها تساوى أكثر. ثم عاد النفرُ من بنى إسرائيل يعرضون على الابن البارّ ستَّة دنانير ثمنًا لها وعاد الابن البار يستشير أمَّه، قالت الأمّ: ذلك الثمن أقلّ من قيمةِ البقرة وعاد القومُ من بنى إسرائيل يطلبون شراءَ البقرة باثني عشر دينارًا لكن الابن قال لهم: والله لا أبيعها حتى لو كان وزنها ذهبًا إلا بعد مشورة أمِّي، وأخيرًا رضيت الأمُّ أن يأخذوا البقرةَ بملءِ جلدها ذهبًا، وهكذا بارك اللهُ للصبيّ بعد مشورة أمه.

رأي الأم ينبع من قلبها وعقلها، في الوظيفة.. في الزّواج.. في السكن، هي أفضل المستشارين. يقدح الله ويوحي في قلوبِ الأمهات أجملَ النَّصائح، فإذا كان كذلك فلا يجوز أن تكون استشارةً منسيَّة، ولا رأيَ لمن لا يُطاع!

مستشار أعلى هندسة بترول