آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 7:26 م

ازرعوا شجرةَ سدر.. تفّاح الفقراء ومن ثمارِ الجنَّة!

هذا هو موسم نضوج ثمار السِّدر، فعلى الأغلب أن ترون هذه الثَّمرة التي تنفض الغبارَ عن ذاكرةِ الكثير منا تُباع في الطرقاتِ والأسواق، فمن عنده جنينة فليزرع واحدةً من أجودِ الأصناف. شجرة لا تُتعب الزَّارع، ثمرها طيِّب، لذيذ ومتنوع. منها أصناف لا تأخذ مساحات كبيرة مثلما كانت تأخذ السِّدرةُ القديمة التي ترتفع عدَّة أمتار وتملأ ما حولها من فراغ مع أنَّ ثمرها أيضًا طيِّب لكنه صغير الحجم!

من المؤسف أن كثيرًا من الأشجارِ المثمرة وغير المثمرة لا يناسبها الماءُ المالح والجوّ الحارّ - جدًّا - والتربة غير الخصبة في مزارعنا، إلا إذا زرعناها في جنيناتِ المنازل حيث الماء القليل الملوحة. أمَّا شجرة السِّدر فهي من الأشجارِ التي لا يضنيها الماءُ المالح والجوّ الحار، وترتاح إلى بيئتنا!

اعتنوا بها، شذّبوها وسمِّدوها بعد فصلِ الشِّتاء تعود أقوى وأصلب، وكلما شذَّبتوها أعطتكم نتاجًا أكثر وأطيب. يمكنكم أن تجعلوا عدة أصنافٍ منها في شجرةٍ واحدة بتركيب أغصانٍ من أشجارٍ ذات ثمرٍ مختلف في شجرةٍ واحدة. شجرة واحدة جيِّدة تكفيكم، تأكلون منها وتهدون من ثمرها لجيرانكم. عن أبي عبدِ الله «عليه السَّلام» قالَ: قالَ رسولُ الله «صلى اللهُ عليهِ وآله وسلَّم»: ”تهادوا بالنبقِ تحيي المودَّة والموالاة“، والنبق هو ثمر السِّدر.

شجرةُ السِّدر قويَّة معمِّرة يصل طولها إلى أربعينَ مترًا أحيانًا وتعمِّر ما يقرب من ألفي سنة، ولها ظلٌّ ظليل ولطيفٌ ناعم، غير أنها كثيفة الشَّوك. أقبل أعرابيّ يومًا، فقال: يا رسولَ الله لقد ذكرَ الله في القرآنِ شجرةً مؤذيةً وما كنت أرى أنَّ في الجنَّة شجرة تؤذي صاحبها؟ فقال رسولُ الله «صلى اللهُ عليهِ وآله وسلَّم»: ”وما هي؟“ قال: السِّدر، فإن لها شوكًا. قال رسولُ الله «صلى اللهُ عليهِ وآله وسلَّم»: ”أليسَ يقول الله: في سدرٍ مخضود، يَخضده اللهُ من شوكهِ فيجعل مكانَ كل شوكةٍ ثمرة، إنها تنبت ثمرًا يفتق الثمر منها عن اثنين وسبعين لونًا من الطعامِ ما فيها لون يشبه الآخر“

إذا جاءَ فصلُ الرَّبيع اجلسوا تحت ظلِّها الجميلِ البارد، وتأملوا الحياةَ كما تأملها في بساطتها الشَّاعر أبو العلاء المعري وذكر في إحدى تأملاته ظلَّ شجرة السِّدر أنه يكفي سكنًا دونَ أن يضربَ المرءُ أوتادًا لكي ينصبَ خيمًا ويبني قصورًا، فالحياة أقصر من ذلك:

والفَتَى ظاعِنٌ ويَكفيهِ ظِلُّ السِّدر … ضَرْبَ الأطْنابِ والأوْتادِ

مستشار أعلى هندسة بترول