آخر تحديث: 29 / 4 / 2024م - 5:05 م

المذكرات والوثائقيات والاستفادة العملية

المهندس أمير الصالح *

من لم يعي التاريخ في سره
لم يعرف حلو العيش من مرة

ومن وعى أخبار من قد مضى
فقد أضاف أعمارا إلى عمره

بيت الشعر الآنف الذكر يصف فكرة المقال بشكل موجز وهو كاف في حد ذاته لإيصال رسالة المقال بإيجاز. إلا أنني أحببت أن أسترسل لتسليط الضوء على بعض الجوانب. ولعل من شاهد أو يُشاهد أو قرأ أو يقرأ كتب ووثائقيات ومذكرات فإنه يطلع بحصيلة من خلاصات تجارب واقعية جدا فاعلة وملهمة لأناس عديدة من مشارب وعرقيات وأوطان مختلفة في ظروف زمانية متعددة.

القصص على مر العصور هي سلوى بني آدم وكان وما زالت القصص مصدر الهام لبني البشر عبر كل الدهور. الآية القرآنية الكريمة: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ تتضمن حقيقة أهمية تدوين القصص والتجارب لاستنطاق العبر. في عالم الوثائقيات الإعلامية المرئية والمسموعة الناجحة تكون القصص الواقعية هي الأكثر نضجا وإثراء في حياة المشاهد والمستمع لكونها تمثل تجربة واقعية لأناس عاشوا. ولكل شخص منا انعكاس لبصمة ما يقرأه وما يسمعه وما يراه واستنطاق توظيف خاصية ”ماذا استفدت من مشاهدة تلكم الأفلام الوثائقية أو قراءة تلك المذكرات الشخصية“. من الجيد قبل أن تبدأ بانتخاب ما تريد مشاهدته أو قراءته أو استماعه، المبادرة في تشخص احتياجاتك الحالية والمستقبلية والمحاور التي تود الوقوف عليها بناء على تجارب سابقة.

مثلا: عندما تصرف وقت في مشاهدة اليوتيوبر هيثم سلمان في فصول مذكرات المخابرات المصرية فإنك ستقف على قصص واقعية عن استغلال بعض الأطراف الشيطانية لحاجة الناس للمال «العطار» أو توظيف الناقمين على أبناء مجتمعاتهم «المفتي».

ومثال آخر: عندما تريد أن تقف على احتماليات نهاية المطاف للإنسان المغترب في بلاد ديمقراطية مثل الدنمارك عندما يفوز حزب يميني متطرف، فقد تشاهد وثائقي بعنوان: How Denmark took hard line on immigrants foreign. Correspondent

ومثال ثالث: عندما أشاهد وثائقيات تتعلق بالاقتصاد أدون ملاحظاتي عن أسباب الصعود ومؤشرات الانهيار لعلي يوما ما استرشد طريقي. في اقتناص فرصة من هنا أو هناك لصنع بعض من الخير أو تجنب تصرم مدخرات.

وعندما تقرأ مذكرات مانديلا ترى شواهد الإصرار والثبات على مساندة بني وطنه. وعندما تسمع قصة سيد شباب أهل الجنة في كربلاء. تستلهم قوة الإيمان والشموخ والكرامة والعزة والثبات. وعندما تقرأ قصة نبي الله، يوسف ، تسجل موجات كبيرة من الأحداث الملهمة والعبر النافعة في أهمية الصدق والتعلق بالله والتوكل عليه والحذر ممن يكيدون بالنفس.

خلاصة تلكم الدروس لقراءة وسماع ومشاهدة الوثائقيات والمذكرات على مستوى قد استنطقه سيد البلغاء وإمام أهل التقوى في مجموعة أقوال ومنها:

قولِ أميرِ المؤمنينَ، علي ابن أبي طالب : «ثَمَرَةُ التَفرِيطِ النَدَامَةُ، وَثَمَرَةُ الحَزمِ السَلامَة». وقوله : ”من أحكم التجارب سلم من المعاطب، من غني عن التجارب عمي عن العواقب“.

وقوله : ”في كل تجربة موعظة“. وقوله : ”من قلت تجربته خدع، من كثرت تجربته قلت غرته“. وقوله : ”تستقبل بجد رأيك من الأمر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته وتجربته، فتكون قد كفيت مؤونة الطلب وعوفيت من علاج التجربة“. أتمنى للجميع حسن الاستفادة مما يقرأ ويشاهد ويسمع.