آخر تحديث: 29 / 4 / 2024م - 1:36 م

الكوكتيل والموهيتو

المهندس أمير الصالح *

معظم أسماء المشروبات المستجدة في منطقتنا هي أسماء مستوردة من دول أجنبية ذات ثقافة متباينة عنا. إلا أن الاستعارة لبعض تلكم الأسماء لبعض المشروبات الجديدة وبسبب الترويج التجاري المتسارع، لم تكن موفقة وقد سببت وتسبب في إحراجات جمة لبعض المستخدمين للمسميات دون إدراك تام لمعانيها في بيئاتها الأصلية والدولية.

فمثلا، عصير مشكل الفواكه الطازجة يسمى اختصارا الكوكتيل. ويُطلق في مناطقنا على العصير المكون من مكونات: خلط عصير موز وعصير جوافة وعصير فراولة وأحيانا عصير فواكه أخرى إلى جانب ما ذكر. ومسمى "كوكتيل cocktail“ في أصله هو مسمى مستورد من الشطر الغربي للكوكب ويُستخدم في الحانات والبارات للتعبير عن مشروب مُسكر يتم إعداده بخلط عصائر فواكه مع الكحول المحرم.

ومثال آخر، هو مشروب موهيتو mojito وهو مسمى يُطلق في مناطقنا على مشروب مُعد من خلط مشروب غازي كالسفن آب أو مياه فوارة «الصودا» مع مُنكه مركز من عصارة الرُمان أو جوز الهند أو الشوكولاتة أو اللوز أو التوت البري. ومُسمى موهيتو في أصله هو مسمى مستورد من الشطر الغربي للكوكب «كوبا». ويُستخدم بشكل شائع في البارات والحانات والعياذ بالله للتعبير عن مشروب يتم إعداده بخلط عصير الليمون الأخضر والنعناع وماء الصودا مع كحول الرام المحرم بعد رجه بشكل عنيف.

لك أن تتخيل أن أحد ما من أبناء وطننا الغالي ترعرع حتى كبر وشاخ على استخدام كلمة كوكتيل وموهيتو في بيئته عند طلب مشروبه المُفضل أثناء تناول وجباته الغذائية. وتتاح لهذا الشخص الفرصة على كبر سنه أو حداثة عمره أن يسافر على متن ناقل جوي أجنبي عبر القارات للعلاج أو للتنزه أو للمرافقة. وأثناء رحلة الطيران تتقدم له/ لها المضيفة المتأنقة والمختصة بتقديم الطعام والشراب بالقول له / لها بعد توزيع الوجبات: ”ماذا تود أن تشرب / تشربي: فلدينا مشروب الكوكا كولا والماء والشمبانيا وعصير طماطم وعصير البرتقال وعصير المانجو والكوكتيل“. فيطلب الرجل الطاعن أو المرأة المسنة أو الشاب الصغير وبحسن نية عصير الكوكتيل بناء على معايير بيئته والمدلول اللفظي للكلمة في ذهنه وحسب تربيته. ودون أدنى علم منه / منها بان كلمة الكوكتيل في مسماه الأصل هو الخليط والشامل للعصائر مع الكحول المحرم في بيئة الناقل الجوي الأجنبي والدولة التي سيسافر لها والموظفة العاملة على خدمة المسافرين.

وقد حدثت أكثر من قصة واقعية مؤلمة تم نقل تفاصيلها لي عبر أكثر من شاهد عيان عن مآسي وقعت عند سفرهم جوا، لا سيما عبر المحيط الأطلنطي ومشاهدتهم لما حدث من هلوسات وهرج ومرج صادر من رجل شرقي مُسن أو امرأة محجبة مُسنة بعد تناولهم لمشروب الكوكتيل المخلوط بالكحول ظنا من عند أنفسهم بأنهم طلبوا عصير كوكتيل خال من الكحول. وتولدت لأولئك المسافرون قليلي المعرفة عن مدلولات المسميات في البيئات المختلفة مواقف محرجة جدا لهم ولمن رافقهم ولمن يشاركهم الوطن أو العقيدة أو العرق.

أشاطر هذا المقال مع القراء لتنبيه المحيط من أبناء المجتمع وأبناء الوطن بأن بعض المسميات في الأكل والشرب المستوردة بسبب العولمة الإعلامية يحتاج من الجميع التثقيف الذاتي لمدلولاتها في البيئات والثقافات الأخرى عند الاستخدام لها بالخارج.

من ناحية أخرى أُطالب مجمع اللغة العربية بالرباط المغرب بإيجاد مصطلحات سهلة وحديثة لكل جديد للحفاظ على الهوية اللغوية عند الشباب والمُسنين وصيانتهم من الاستغفال. فأتذكر سابقا أنه عند رواج استخدام كلمة ساندويتش كان للمجمع اللغوي في أحد دوراته نقاش كبير في تعريب الكلمة. فطلع المرادف اللغوي العربي لكلمة ساندويتش: ”شاطر ومشطور وما بينهما طازج“. فلم نجد العربي ذاك الاستخدام الشائع وطغى استخدام كلمة ساندويتش ردحا من الزمن وما زال حتى ولدت كلمة شطيرة. وكذلك عند ورود كلمة ”تلفزيون“ لأول مرة للدول العربية، ناقش مجمع اللغة العربية الكلمة لإيجاد مرادف لها فخرج علينا المجمع بكلمة ”مرناة“ كما نقل لنا مدرس اللغة العربية الأستاذ أبوالليل. واليوم وأمس وغدا لم ولن تسمع كلمة مِرناة محل كلمة تلفزيون عند التداول. تبسيط وتسهيل صنع المرادف اللغوي عند التعريب يُحافظ على الحيوية للغة لمن هم حريصون على إحيائها. وأناشدكم أيها الغيارى اللغويون من أبناء اللغة العربية على استدراك المصطلحات العصرية الموازية لمسميات الأشياء اليومية قبل أن تُسيطر لغة الأقوى ماديا على لغتنا.