آخر تحديث: 5 / 5 / 2024م - 6:13 ص

الأفعال الصبيانيَّة نشتكي منها وكلنا فعلناها!

المهندس هلال حسن الوحيد *

لا نحتاج أن نبحث عن أخطاء الشباب بالسراج والفتيلة، نعم هي كثيرة، لكننا مثلهم مررنا بتلك الفترة من أعمارنا، الدنيا لعب وطيش وعناد وقصَّات شعر وملابس أشكال وألوان! أي نعم، تغيرت وسائل الصبيانيَّة، لم يكن عندنا المال ولا التقنيات، ولا السيَّارات الفاخرة ولا الدرَّاجات الناريَّة الباهظة الثمن. مع ذلك كنا على قدرِ ما نملك، نزقين وطائشين وحمقى! أقول عنكم ملائكة إن لم تحملوا معكم ولو قليلًا من تلك الأفعال.

لأن الجو معتدل الحرارة، أصادف في الصباح الباكر من أيَّام شهر رمضان عشرات من راكبيّ الدرَّاجات الناريَّة في الشوارع، فرحين مبتهجين، غير عابئين بما حولهم، ولا أظنّ أنهم ناموا شيئًا من الليل! الحقّ يقال، تمنيت أن لو كانوا أقلّ إزعاجًا وأكثر حرصًا على سلامة أنفسهم وغيرهم، ولبس ما يلزم من لباس في مثل هذه الحالات، وإلا فأنا - أيضًا - كنت مثلهم، أسهر وأشاكس، وكيف كنتُ شابًّا مراهقًا إن لم أفعل ذلك؟

يروى عن رسول الله صلى اللهُ عليهِ وآله قوله: ”الشباب شعبة من الجنون“، فلنصبر على هؤلاء المجانين - الآن - وسوف يكونون رجالًا رائعين مبدعين. وبعضهم سوف يكون من الفاشلين، هذه سنة الحياة، إلا إذا زرعنا في أراضي قلوبهم المحبَّة والسكينة ”إنما قلب الحدث كالأرضِ الخالية، ما ألقى فيها من شيء إلا قبلته“.

نطلب من شبَّاننا وشابَّاتنا الكثير ونعطيهم القليل، نطلب منهم الانضباط ونمنع عنهم النصائح المناسبة لأعمارهم، نعطيهم القليل من الرِّعاية والتأديب في المنزل، ونتوقع منهم أن يكونوا عبادًا في المساجد ليل نهار! كل شيء في الحياة يحتاج جهدًا قبل الحصاد، وهؤلاء الصبية، الذين فيهم شعرات من ”جنون“ وجرأة، تنفعهم النصيحة. بعد ذلك يكبرون ويذهب كل منهم في طريقه، إلى المدارس والجامعات، وبعضهم إلى المصانعِ والأسواق، ثم يأتي آخرون من بعدهم، وكل جيل ينسى أنه كان يومًا شقيًّا، غير عابئ لا بالحياة ولا بالقدر! ويقول عن الجيل من بعده بأنهم عصاة متمردون.

هي نظرة البشر منذ الأزل، كل جيل يجزم أنه أذكى وأكثر علمًا وفهمًا من الجيل الذي بعده، فماذا ترون أن لو كان عندنا ما عندهم من المغريات التي لا حصر لها، ماذا كنَّا فاعلين؟ الحقيقة أن كل جيل فيه الصالح والطالح، الجيِّد والرديء. علينا أن نصبر عليهم ونفهمهم، ونكون قدوةً وأصدقاء لهم. وعليهم أن يستفيدوا من الشعرة الجنونيَّة والجرأة فيما ينفعهم، لا فيما يضرهم، ويؤلب المجتمعَ عليهم!

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
محمد مهدي
[ القطيف ]: 11 / 4 / 2022م - 10:31 ص
أحسنت كلام جدا جميل وهذا هو التوجيه المطلوب وبهذا الاسلوب البناء
مستشار أعلى هندسة بترول