آخر تحديث: 29 / 4 / 2024م - 5:05 م

ابتسم

أحمد منصور الخرمدي *

عُرف إن الابتسامة هي تعبير عن الرضا وعن السعادة والفرح وقد تعبر الابتسامة أحياناً عن تعجب!

وهناك من العلوم والدراسات التخصصية عن الابتسامة ومن تلك العلوم المعرفية، علم الفيزيولوجيا وعلم اللغات.

نأخد الجانب الأكثر أثرا، فمن فوائد - الابتسامة على صحة الإنسان، أن فيها إنعاش للجسم والقلب وتجديد النشاط، وفي الابتسامة مصدر للفرح وتذليل الصعاب، ومن الجميل إن في الابتسامة الصافية، مفتاح للصداقة الحميمة والعلاقات الإنسانية النبيلة.

في الابتسامة ينبع الجمال وتتزين الحياة بثوب أبيض، ففيها إدخال السرور إلى قلوب من حولك، تذيب الجليد وتنشر السعادة والارتياح وبلسم للجراح، وقد جاء في الكثير من التوضيح، بإن الابتسامة هي اللغة التي لا تحتاج إلى ترجمة، وهي اللغة العالمية الوحيدة التي من السهل أن يفهمها الناس.

الابتسامة الصادقة، هي رمز للعطاء والوفاء وهي صفة من صفات النبلاء، فكم من قلوب بالابتسامة فُتحت، وكم من هموم في الصدور مُسحت، فهي مبدأ لفعل الخير، تكسب بها حب من حولك واحترامهم وتزيد للوجه جمالاً وللعمل أحساناً، فما أجمل أن نبتسم في الوقت الذي ينتظر منا الآخرون العكس لا سمح الله.

الإسلام فيه القيم الإنسانية التي تحثنا على الكثير، وقد أوصى الإسلام الإنسان المسلم، أن يبتسم لوالديه وهي من أعظم البر لهما وسعادتهما، رسالة حب ومودة وطاعة بعد الله لهما.

في الابتسامة للوالدين، رضا للخالق عز وجل وأجر وثواب وسعة وبركة في الرزق، تزيل غبار ما لصق بجسمهما من أتعاب وآلام الحياة، وقد أوصى الإسلام المسلم، أن يبتسم للمريض لأنها تعجل بشفائه وهي جزء من العلاج بإذن من الله سبحانه.

الابتسامة كنز ثمين، تبعث نوراً من الحب والجمال لقلب من تحب.

ولنا هذه الأبيات من الشاعر ايليا أبو ماضي:

قالَ السَماءُ كَئيبَةٌ وَتَجَهَّما
قُلتُ اِبتَسِم يَكفي التَجَهّمُ في السَما

قالَ الصِبا وَلّى فَقُلتُ لَهُ اِبتَسِم
لَن يُرجِعَ الأَسَفُ الصِبا المُتَصَرِّما

قالَ الَّتي كانَت سَمائِيَ في الهَوى
صارَت لِنَفسِيَ في الغَرامِ جَهَنَّما

خانَت عُهودي بَعدَما مَلَّكتُها
قَلبي فَكَيفَ أُطيقُ أَن أَتَبَسَّما

قُلتُ اِبتَسِم وَاِطرَب فَلَو قارَنتَها
قَضَّيتَ عُمرَكَ كُلَّهُ مُتَأَلِّما

قالَ التِجارَةُ في صِراعٍ هائِلٍ
مِثلُ المُسافِرِ كادَ يَقتُلَهُ الظَما

أَو غادَةٍ مَسلولَةٍ مُحتاجَةٍ
لِدَمٍ وَتَنفُثُ كُلَما لَهَثَت دَما

قُلتُ اِبتَسِم ما أَنتَ جالِبَ دائِها
وَشِفائِها فَإِذا اِبتَسَمتَ فَرُبَّما

أَيَكونُ غَيرُكَ مُجرِماً وَتَبيتُ في
وَجَلٍ كَأَنَّكَ أَنتَ صِرتَ المُجرِما

قالَ العِدى حَولي عَلَت صَيحاتُهُم
أَأُسَرُّ وَالأَعداءُ حَولِيَ الحِمى

قُلتُ اِبتَسِم لَم يَطلُبوكَ بِذَمِّهِم
لَو لَم تَكُن مِنهُم أَجَلَّ وَأَعظَما

قالَ المَواسِمُ قَد بَدَت أَعلامُها
وَتَعَرَّضَت لي في المَلابِسِ وَالدُمى

وَعَلَيَّ لِلأَحبابِ فَرضٌ لازِمٌ
لَكِنَّ كَفّي لَيسَ تَملُكُ دِرهَما

قُلتُ اِبتَسِم يَكفيكَ أَنَّكَ لَم تَزَل
حَيّاً وَلَستَ مِنَ الأَحِبَّةِ مُعدَما

قالَ اللَيالي جَرَّعَتني عَلقَماً
قُلتُ اِبتَسِم وَلَئِن جَرَعتَ العَلقَما

فَلَعَلَّ غَيرَكَ إِن رَآكَ مُرَنَّماً
طَرَحَ الكَآبَةَ جانِباً وَتَرَنَّما

أَتُراكَ تَغنَمُ بِالتَبَرُّمِ دِرهَماً
أَم أَنتَ تَخسَرُ بِالبَشاشَةِ مَغنَما

يا صاحِ لا خَطَرٌ عَلى شَفَتَيكَ أَن
تَتَلَثَّما وَالوَجهِ أَن يَتَحَطَّما

فَاِضحَك فَإِنَّ الشُهبَ تَضحَكُ وَالدُجى
مُتَلاطِمٌ وَلِذا نُحِبُّ الأَنجُما

قالَ البَشاشَةُ لَيسَ تُسعِدُ كائِناً
يَأتي إِلى الدُنيا وَيَذهَبُ مُرغَما

قُلتُ اِبتَسِم ما دامَ بَينَكَ وَالرَدى
شِبرٌ فَإِنَّكَ بَعدُ لَن تَتَبَسَّما

ابتسم لزوجتك، ابتسم لأخيك، ابتسم لأبنك، ابتسم لبنتك، ابتسم لأحفادك، ابتسم لقريبك، لصديقك، لجارك لزميلك، ابتسم لكل من تقابله في حياتك، حتى لمن يخالفك في الرأي، لأن في الابتسامة الصافية، مدخل لتجديد المحبة والتقدير، وعنوان للمزيد من التواصل وصفاء للقلوب والتغيير إلى الأفضل..... ابتسم.

ونختم هذا المقال بأيبات للشاعر السعودي محمد الجلواح والتي كتبها مشكوراً لهذا المقال:

جوازُ مُرورٍ للقلوب، ومَسْلَكٌ
إلى الحُبِّ في كل المواقفِ، والصُّوَرْ

جوازُ مرور.. تَقْلِبُ الحُزنَ بهجةً
فلا غضبٌ من بعد أنْ هَيْمَنَ الشَّرَرْ

لها سحرُها المجنونُ؛ يَطْغَى جمالُها
على الكاعب الحسناءِ، في أروع الأثر!

قرأْتُ وجوهًا باختلاف وُجوهِها
فمنها عَبوسٌ.. قَطّبَ الأرضَ، والبشر

ومنها إذا بَشّتْ بِحُبٍّ عيونه
تَبَسَّمَ كلّ الكون، واستأنسَ الحجر

فلا زادَ من عمر الذي كان عابسًا
ولا قَلَّ من عمر الذي بَشّ كالزَّهَرْ