آخر تحديث: 5 / 5 / 2024م - 6:13 ص

لماذا عندما نكبر يكبر العداء؟

كنا ننتظر رحلةً بينما كان طفلان يلعبان بالقرب منا دون توقف، يجريان، يصطدمان بالأشياء وأحيانا يلعبَان بخشونة. أول ما خطر في بالي هو: هل يتردد حفيدي في الانضمام لهما لو كان حاضرًا؟ هل يستأذنهمَا في طلب الصداقة والصحبة؟ هل يرفضا صحبته؟ أجزم أن الجواب على كلّ هذه الاستفسارات: كلا، لن يتردد، لن يستأذن. سوف ينضمّ لهما حالًا، ولن يرفضا صحبته.

الضحك والابتسامة والصداقة لغة كل أطفال العالم، لا كراهية ولا زعل ولا ضغينة، حتى يكبرون وتكبر عقولهم. بعد ذلك يبدأون بحساب المصالح والمنافع في العلاقات، ويرثون ممن حولهم ما ورثوه من الذين قبلهم. فترى الأخوة الأشقَّاء يصبحون أعداءً لأسبابٍ بسيطة، يضحك من ضآلتها وحقارتها الأطفال.

لا يعرف الأطفالُ لونًا ولا لغةً ولا دينًا! دينهم البراءة والسجايا التي خلقهم الله عليها. أما الكبار، أول ما ينظرون إليه، في غيرهم، اللون وبعده الدين والمذهب واللغة وكل الفوالق التي يمكن لهم أن يقسموا النَّاس على أساسها. عن رسول الله ﷺ: كلّ مولودٍ يولد على الفطرة، وإنما أبواه يهودانه وينصرانه.

لا أزال أتذكر مرحلة الدراسة الجامعيَّة، كنا فيها أخلاطًا وأجناسًا شتَّى يجمعنا المقهى والملعب والحصَّة والتنافس على الدرجات والتطلع نحو المستقبل. لم يكن شغلنا الشَّاغل من أينَ أتى فلان وعلَّان!

أحيانًا، يكون العقل الذي هو من المفترض أن يحلّ المشاكل هو من يخلقها ويكبرها ويضخمها، ثم لا يستطيع صاحبه أن يحمل المشاكل أو يحلها. بينما تكون العاطفة والحبّ أقل ضررًا وضراوة في إضرام نار العداوة والكراهية. المال، الإرث، التنافس، وقائمة طويلة من الأسباب التي تصنع العداوة وظلم ذوي القربى بعضهم بعضًا: وَظُلمُ ذَوي القُربى أَشَدُّ مَضاضَةً ** عَلى المَرءِ مِن وَقعِ الحُسامِ المُهَنَّدِ

أما خارج ذوي القربى، ما أدراك بعدد الحجج التي يقدمها الكبار في أسباب العداوات!

﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِير نحن من يصنع شياطين العداوات، نصنعها ونربيها ونسمّنها على حساب الصداقات والألفة وراحة البال. بينما من المفترض أن نكون كلنا يدًا واحدًة على عدوٍّ واحد، ألا وهو الشيطان الذي لا شأن له إلا إذكاء العداوات وسلب سعادة الحياة وحسن العاقبة منَّا جميعًا.

مستشار أعلى هندسة بترول