كيف نُقلع عن عادة سيئة
2 مايو 2022
بقلم ستيڤ كاليشمان
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم 151 لسنة 2022
How to break a bad habit
Steve Calechman،
May 2,2022
كلنا لنا عادات نرغب في أن نتخلص منها ونقلع عنها، وكل ليلة نحدث أنفسنا بنفس الحديث الحماسي: سأنام مبكرًا هذه الليلة. سأقاوم إغراء ذلك الكوكيز «البسكويت». سأتوقف عن قضم أظافري. وبعدما يأتي الغد، تتقوض كل تلك الوعود، ونشعر بأننا أسوأ مما كنا. ونشعر بالهزيمة والذنب لأننا ما نعرفه الآن أفضل مما كنا نعرفه سابقًا ولكن لا زلنا لا نستطيع مقاومة الاغراء.
دورة العادة من القوة إلي الضعف ومن ثم التلاشي شيء معروف، لأن الدماغ لا يعمل التغييرات بسهولة. ولكن الإقلاع عن عادة غير صحية أمر ممكن. فالإقلاع عن عادة يتطلب عزمًا وقليلًا من الرهبة وبعض الأساليب الفعالة لتعديل هذه العادة. ولكن حتى قبل ذلك، من المفيد أن نعرف ما يدور في الدماغ، وماذا عن دوافعنا وما يجري من حديث النفس.
نشعر بالمكافأة على عادات معينة
العادات الجيدة أو السيئة هي أشياء روتينية، والروتين، كعادات الاستحمام أو الذهاب إلى العمل بالسيارة، هي أمور تلقائية / عفوية، من شأنها أن تجعل حياتنا أكثر سهولة. ”لا يحتاج الدماغ أن يفكر كثيرًا بشأنها،“ كما تقول ستيفاني كوليير Stephanie Collier، مديرة التعليم في قسم علم نفس الشيخوخة في مستشفى ماكلين McLean، ومدربة الطب النفسي في كلية الطب بجامعة هارفارد.
صورة تبين مفعول التنافر المعرفي
العادات السيئة مختلفة قليلاً، ولكن حين نحاول الاقلاع عن عادات سيئة، فإن ذلك يؤدي إلى تنافر معرفي[1] ، والدماغ لا يعجبه ذلك، كما تقول لوانا ماركيز Luana Marques، استاذة علم النفس المشاركة في كلية الطب بجامعة هارفارد. يقوم الجهاز الحوفي في الدماغ بتنشيط استجابات «ردود فعل» الكر أو الفر أو التجمد[2] «لا كر ولا فر»، وردود فعلنا هي أن نتجنب هذا ”التهديد“ والعودة إلى العادة القديمة، على الرغم من أننا نعلم أن العودة إلى العادة القديمة ليس جيدًا بالنسبة لنا.
صورة تبين الكرأو الفر
في كثير من الأحيان، العادات التي لا تنفعنا تبقي تشعرنا بالرضا والسعادة، لأن الدماغ يفرز مادة الدوبامين. ويقوم الدماغ بفعل أي شيء يساعدنا ككائنات حية على البقاء على قيد الحياة، كأكل الطعام أو ممارسة الجنس. يُعتبر تجنب التغيير بمثابة بقاء على قيد الحياة، ونحصل على المكافأة[3] «وإن كان ذلك مؤقتًا»، لذلك نستمر في العودة في كل مرة إلى عاداتنا. تقول كوليير: ”لذلك من الصعوبة بمكان تغيير العادة“.
البحث عن سبب الرغبة في التغيير
ولكن قبل أن تحاول تغيير عادة من العادات، من الضروري تشخييص سبب رغبتك في التغيير. عندما يكون السبب شخصيًا - مثلًا، عندما تريد أن تكون موجودًا قريبًا من أجل أطفالك؛ أو تريد أن تسافر كثيرًا - فلديك دافع / باعث قوي ومذكر لك للرجوع إليه حين تواجه صعوبات.
بعد ذلك، لابد أن تعرف بواعثك الداخلية ودوافعك الخارجية[4] ، وهذا يتطلب بعض التحريات عنها. عندما تكون لديك رغبة ملحة في ممارسة العادة السيئة، اسأل نفسك متى وأين ومع من أُثيرت وماذا كان شعورك حينئذ، سواء أكنت تشعر بالحزن أو بالوحدة أو بالكآبة أو بالعصبية حينئذ. تقول كوليير إنها عملية تنطوي على اختيار وتركيب أشياء مختلفة معًا، ولكنها مكملة لبعضها البعض. وهذه العملية تختلف من شخص لآخر، ولكن لو لاحظت قرينة قبل ذلك على أنك ستعود إلى تلك العادة، فقد تتمكن من أن تمسك نفسك عن تلك العودة، كما تقول كولير.
الخطوة التالية من الإقلاع عن العادة - وأحيانًا هي الخطوة الأصعب - هو تعديل السلوكك. إذا كان ضعفك يتمثل في رغبتك في تناول فطيرة الصباح في طريقك إلى العمل، فقد يكون الحل الأنجع هو تغيير الطريق. لكن قد لا يتسنى ذلك دائمًا، لذا لابد من أن تجد البديل الأفضل، مثلًا، أن تأكل شيئًا من اللوز بدل أن تأكل قطعة من الحلوى أو تتناول شيئًا من الزبادي المجمد بدلاً من تتناول شيئًا من البوظة. تقول كوليير: ”لا ينبغي أن يكون هدفك أن تصل إلى الكمال، ولكن فقط لتستمتع بصحة أكثر.“
تقول ماركيز ينبغي أيضًا أن تتجنب عقلية إمّا الكل أو لا شيء، والتي من شأنها أن تؤدي إلى الإرهاق[5] السريع، وبدلاً من ذلك قم بخطوات صغيرة نحو تحقيق هدفك. إذا كان من عادتك السهر حتى منتصف الليل ولكن ترغب في أن تنام مبكرًا، في الساعة العاشرة ليلًاظ مثلًا، فإن الحلاد الأنجع لكسر هذه العادة هي أن تبدأ بخطوات صغيرة لكن متئدة ومعقولة وهي أن تبكر بربع ساعة في الليلة اللاحقة عن الليلة السابقة: فإن من شأن هذه الخطوات أن تنتهي بالنجاح وتقلل من النفور ومن تجنب تبني عادة جديدة.
كما أنه يساعد على تذكر فكرة أن الرغبة الملحة تأخذ دورة، في البداية تكون رغبة شديدة، ثم تضعف، وتختفي عادةً في النهاية خلال 20 دقيقة تقريبًا. تقترح كوليير على الشخص أن يضبط مؤقت على هذه الفترة الزمنية ويركز فقط على ”تجاوز تلك الرغبة الملحة“.
في فترة الانتظار تلك، البحث عن احاسيس جديدة يمكن أن يساعد على الالتهاء عن هذه الرغبة. بإمكان الشخص الخروج في الهواء الطلق والاستمتاع به وشم رائحته. يمكنه القيام بشيء بدني أيضًا. كوليير تحب أيضًا استخدام الماء الساخن والبارد. في أقصى الحالات، يقوم الشخص بغمر وجهه في وعاء من الماء، وهذا من شأنه أن يبطئ من معدل ضربات قلبه. ولكن يمكنه أيضًا أن يمسك بمكعب ثلج في يده أو يأخذ حمامًا ساخنًا. وتقول: ”وبذلك يكون مركزًا على الإحساس وليس على الرغبة الملحة“.
تقبُّل فكرة أن النجاح ليس خطاً مستقيماً «مباشرًا»
أثناء محاولات التغيير التي يرغب فيها، ستكون هناك عقبات وعوائق ونكسات، وهي تعتبر جزءًا من عملية تحقيق التغيير الدائم. المشكلة هي أننا عندما يتعلق الأمر بجلد الذات فنحن أسوأ من يجلد ذواتنا، وبعض الناس يعتبرون أي شيء فاشل ما لم يحقق نجاحًا تامًا.
تقول ماركس أن يحاول المرء أن يأخذ منظور شخص آخر ويفكر في كيف يرد على صديق قال إن أكله كيسًا واحدًا من رقائق البطاطس قد أفسد نظامه الغذائي بالكامل. فمن الأفضل أن تكون لطيفًا معه ومطمئنًا له، لا ناقدًا ولا لائمًا، لذا عليه أن يعامل نفسه بنفس المنظور. الكثير من المعاناة من جراء جلد الذات[6] لا تتمثل في رؤية الأفكار كحقائق، بل مجرد أفكار. يتطلب الأمر تمرينًا وممارسة، لكنها نفس الفكرة كما هو الحال مع ممارسة التأمل[7] . فالمرء يتعامل مع ما يدور في ذهنه على أنه شيء ضبابي، ويسلِّم به ويسمح له بالعبور بسلام. تقول ماركيز: ”لدينا كلنا دائمًا أفكار مشوهة وخاطئة“. ”وهذا ما ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار.“
كما أنه من المفيد تقليل الضغط النفسي وتقليل الشعور بالفشل ليعرف الواحد أن الهدف ليس القضاء على العادة القديمة تمامًا، لأنه لن يستطيع ذلك. وإن ما يحاوله هوفقط تقوية العادة الجديدة بحيث تكون هي العادة السائدة في النهاية إلى درجة أن العادات القديمة لم تعد تخطر حتى على البال. لكن عملية الاقلاع عن عادة سيئة هي عملية مستمرة، ويمكن جعلها أكثر سهولة بالتعاطف مع الذات[8] ، لأنه لا يمكن الاستعداد لكل موقف ووضع بعينه أو لا يمكن التنبؤ بوقت ولا بمكان حدوث ما يثيرالرغبة الملحة.
تقول كوليير: ”لا يمكن الاستعداد دائمًا للحياة“. "فهي حبلى بالعقبات أو العوائق التي قد تعترض طريق حياة المرء.