آخر تحديث: 18 / 5 / 2024م - 10:28 م

كيف يحافظ دفن الموتى على الإنسان الحي

عدنان أحمد الحاجي *

29 أبريل 222

بقلم ديميتريس زيغالاتاس، أستاذ مشارك في الأنثروبولوجيا والعلوم النفسية، جامعة كونيتيكت

How burying the dead keeps the living human

April 28,2022

Dimitris Xygalatas، associate professor of anthropology and psychological sciences، University of Connecticut

لطالما اعتنى البشر بموتاهم - لدرجة أن علماء الآثار غالبًا ما يعتبرون طقوس دفن الموتى من بين السمات[1]  التي تميز الإنسان [الانسان العاقل[2] ] عن الأنواع الحية الأخرى. بمعنى آخر، دفن الموتى جزء أساس من حياة الإنسان.

التعبير عن الاحترام

يهتم الأقارب بالموتى. مارس إنسان النياندرتال[3]  دفن موتاه، وربما مارست البشرانيات المنقرضة[5] ,[4]  الأخرى ذلك أيضًا. يبدو أنه حتى الشمبانزي يحزن على موتاه الأقارب. لكن لا توجد أنواع حية أخرى تذهب إلى هذا الحد غير العادي من الاهتمام بموتاها.

الصورة: محاكاة قبر إنسان نياندرتال في لا شابيل أو ساينتس، فرنسا

بصفتي باحث أنثروبولوجي[6] ، فقد أمضيت عقدين في دراسة الطقوس[7] ، خاصة تلك التي قد تبدو للوهلة الأولى ”طقوسًا غير عادية[8] .“ تبدو هذه العادات محيرة: ويبدو أنه ليس لها فوائد مباشرة ولكن يمكن أن يكون لها بالقطع دلالة. ومع ذلك، فإن نظرة فاحصة تظهر أن هذه التصرفات، التي تبدو بلا معنى، تعبّر عن احتياجات إنسانية عميقة بما للكلمة من معنى.

الصورة: غفي تصوير هذا الفنان، يتخلص انسان الناليدي Homo naledi من موتاه في كهف النجم الصاعد Rising Star بجنوب إفريقيا. على الرغم من أن مثل هذا السلوك المتقدم غير معروف في غيره من أشباه البشر الأوائل، فإن الذين اكتشفوا الأحفوريات يقولون إنه لا يوجد تفسير منطقي آخر له.

خذ مثلًا الطقوس الجنائزية. هناك حاجة عملية للتخلص من الجثث، ولكن معظم عادات الدفن تتجاوز هذه الحاجة. من بين شعب التوراجا Toraja في إندونيسيا[9] ، على سبيل المثال، يُحتفظ بجثث أفراد الأسرة الموتى في المنازل لعدة أشهر أو حتى سنوات[10] . خلال تلك الفترة، يعاملون الأقارب جثث موتاهم وكأنهم ما زالوا أحياءًا: يقدمون لهم الطعام ويغيرون ملابسهم ويحدثنوهم ب أخبار المجتمع. حتى بعد الانتهاء من جنائزهم، يستخرجون جثثهم المحنطة ويلبسونها ثيابًا ويسيرون بها في موكب في أنحاء المدينة خلال المناسبات الاحتفالية.

الصورة: أحفاد ألفريدا لانتونغ، التي توفيت في عام 2012، يزورونها في نعشها في منزل العائلة بالقرب من رانتيباو، وهي بلدة في منطقة سولاويزي بإندونيسيا.

شعب توراجا ليسوا وحدهم. في مدغشقر، زرت مجتمعات حيث يعيش الناس في أكواخ من القصب، تحت رحمة الأعاصير المتواترة والندمرة، بالرغم مت أن المباني القوية الوحيدة المبنية من الطوب والملاط في المنطقة تًستخدم كمقابر. وفي مدينة البتراء القديمة في الأردن، كانت الأماكن[11]  التي نحتها الأنباط في الصخور منذ ألفي عام بمثابة أماكن لدفن الموتى[12] .

الصورة: مدخل مبنى قديم. نحته الأنباط في تلة الحجر الرملي sandstone في القرن الثاني بعد الميلاد، ومن المحتمل أن هذا الهيكل الشاهق بدأ كمعبد.

قد تبدو هذه الممارسات وكأنها ممارسات شاذة، لكنها ليست كذلك. في جميع الثقافات، يقوم الناس بتنظيف موتاهم وحمايتهم وتزيينهم ودفنهم بعناية. المسلمون يغسلون أجساد موتاهم ويكفنونها قبل دفنها[13] . قد يغسل [يحمم] الهندوس أجساد موتاهم باللبن والعسل والسمن ويزينونها بالزهور والزيوت العطرية قبل حرقها[14] . اليهود يحرسون موتاهم من وقت الوفاة حتى الدفن[15] . [المترجم: عملية غسل الموتى لدى اليهود يطلقون عليها طهارة tahara]. ويقيم العديد من المسيحيين مجلس إلقاء النظرة الأخيرة على المتوفى [عادة تعقد في بيت الموتى لدى الغرب وخاصة في ايرلندا التي عُرفت ب Irland Wake[16] ] يجتمع فيها أفراد الأسرة لتقديم الاحترام للميت.

الصورة: الطقوس الجنائزية لدى للهندوس

وضع خاتمة

الطقوس الجنائزية هي ظاهريًا تخص جالموتى. لكن أهميتها تكمن في الأدوار التي تلعبها للأحياء: فهي تسمح لهم بالحزن وطلب المواساة ومواجهة حقيقة الموت والإستعانة بذلك لاكتساب القوة للمضي قدمًا. إنها تصرفات إنسانية بما للكلمة من معنى، ولهذا فإن الحرمان منها يمكن أن يكون مدمرًا وتجردًا من الإنسانية.

من المسلم به على نطاق واسع أن الحاجة إلى دفن الموتى أمر لا بد منه - ليس فقط من قبل علماء الأنثروبولوجيا وعلماء النفس، ولكن أيضًا من قبل الأشخاص المستجيبين الأوائل للحالة [كالمسعفين] ومن قبل الحكومات والمنظمات الدولية[17] . ولذلك تبذل الجيوش قصارى جهدها لإعادة رفات جنودها إلى عوائلهم، حتى لو استغرق ذلك عقودًا.

مصادر من داخل وخارج النص

[1]  - https://aeon.co/essays/why-we-should-bury-the-idea-that-human-rituals-are-unique

[2]  - https://ar.wikipedia.org/wiki/إنسان

[3]  -https://www.pnas.org/doi/full/10,1073/pnas.1316780110

[4]  - https://www.nationalgeographic.com/adventure/article/150915-humans-death-burial-anthropology-Homo-naledi

[5]  - ”البشرانيات أو القردة العليا التي يعرف أعضاؤها بالقردة الكبرى أو العليا هي عائلة تصنيفية من الرئيسيات التي تتضمن ثمانية أنواع موجودة في أربعة أجناس: إنسان الغاب، إنسان الغاب البورنيوي، إنسان الغاب السومطري، إنسان الغاب التابانولي، الغوريلا الغريبة، الغوريلا الشرقية، البان، القردة الشائعة والبونوبوس والبشراني التي تضم الإنسان العاقل وأقربائه المنقرضين «إنسان نياندرتال إلخ» وأسلافه كالإنسان المنتصب.“ مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/بشرانيات

[6]  - https://anthropology.uconn.edu/person/dimitris-xygalatas/

[7]  - https://www.hachettebookgroup.com/titles/dimitris-xygalatas/ritual/9780316462402/

[8]  - https://aeon.co/essays/how-extreme-rituals-forge-intense-social-bonds

[9]  - https://ar.wikipedia.org/wiki/توراجا

[10]  - https://www.npr.org/sections/goatsandsoda/2019/09/29/764638760/photos-the-dead-live-with-their-loved-ones-on-this-indonesian-island

[11]  - https://www.nationalgeographic.com/history/article/lost-city-petra

[12]  - https://www.jstor.org/stable/41622199

[13]  - https://www.mfs.asn.au/ghusl.html

[14]  - https://www.australiancouncilofhinduclergy.com/funerals.html

[15]  - https://www.myjewishlearning.com/article/tahara/

[16]  - https://rip.ie/article.php?AID=32

[17]  - https://www.who.int/publications/i/item/management-of-dead-bodies-after-disasters

[18]  - https://ihl-databases.icrc.org/customary-ihl/ara/docs/v2_rul_rule115

المصدر الرئيس

https://theconversation.com/how-burying-the-dead -