آخر تحديث: 4 / 5 / 2024م - 10:54 م

عندما سأل لوطٌ قومه ”اللوطيين“: أليس منكم رجلٌ رشيد؟!

تناول القرآن الكريم قصص بعض الأنبياء وأقوامهم من أجل أن يبين الهدفَ الأسمى من الحياة، وهو سعادة الإنسان وسعادة أسرته. فعندما يسمع أو يقرأ شبَّاننا اليوم وشاباتنا عن ”اللوطيين“ و”المثليين“ عليهم أن يعرفوا كيف نشأ هذا العمل البغيض وماذا صار مصير الذين اخترعوه. لم تعد أحوال وعادات المجتمعات في هذا الزمان منفصلةً عن بعضها، لذلك وجب علينا تربية وتنشئة وتحذير أولادنا وبناتنا مما يستجدّ، وهو في الواقع، قديمٌ وقبيح!

حكى القرآن الكريم معاناة النبيّ لوط في معالجة شذوذ قومه الجنسيّ، ولما أصروا على شذوذهم، ماذا كان مصيرهم:

﴿وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَ?ذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ «77» وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَ?ؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ «78» قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ «79» قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى? رُكْنٍ شَدِيدٍ «80» قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ «82» مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ «83» .

جاء في الروايات الإسلاميَّة أن لوطًا كان في مزرعته حيث فوجئ بعددٍ من الشباب الوسيمين الصباح الوجوه قادمونَ نحوه وراغبونَ في النزول عنده. كان سوف يسعد باستضافتهم لولا علمه بالواقع المرير الذي سيشهده في مدينته الملوثة بالانحراف الجنسيّ، حيرةٌ أوجبت له الهمّ في شكل أفكارٍ وصورٍ متعبة. أخذ يتحدث مع نفسه ”وقال هذا يوم عصيب“!

لم يجد لوطٌ بدًّا من يأتي بضيوفه إلى بيته ليقوم بواجب ضيافتهم، ولكنه حدثهم في الطريق - عدَّة مرات - أن أهل هذه المدينة منحرفون وأشرار ليكونوا على حذرٍ منهم. وتذكر بعض الروايات أن لوطًا أخَّر ضيوفه حتى حلول الليل، لعله يستطيع أن يحفظ ماء وجهه من شرور قومه، ويقوم بواجب الضيافة دون أن يساء إلى ضيوفه. لكن لوط كان عنده عدوّ داخل بيته - امرأته - كافرة وتساعد قومه الظالمين. علمت زوجة لوط بقدوم الضيوف إلى بيتها، فصعدت إلى أعلى السطح وصفَّقت بيديها أولًا، ثم أشعلت النارَ وتصاعد الدخان. حينها عرف جماعةٌ من قومِ لوط بأنّ صيدًا ثمينًا صار قريبًا منهم.

جاءه قوم لوط يهرعون إليه، وكانت حياتهم سوداء، ملطخة بالعار. ضاق لوطٌ بهم ذرعًا وأخذ يصرخ مما يرى من شدة استيائه: ”يا قوم هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم“، فأنا مستعدّ أن أزوجهنّ إياكم ”فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد“، ولو رجل واحد رشيد؟ تمنى لوطٌ أن يجد القوة الروحيَّة والمجتمعيَّة لكي ينهض بهم ويواجه الانحرافَ والفساد فيزيله تمامًا ويهلك هؤلاء القوم الذين لا حياء لهم، ولم يجد.

أخيرًا حين شاهد الملائكةُ - الأضياف - ما عليه لوط من عذاب النفس كشفوا عن أسرارِ عملهم، وقالوا: ”يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك“. وكان آخر ما قالته الملائكة -: إن العذاب سينزل قومك صباحًا، مع أول شعاعٍ للشمس سوف يختفي هؤلاء الفسقة: ”إن موعدهم الصبح“. كان لوطٌ مستعجلًا بالعذاب، ولكن الملائكة طمأَنوه بقولهم: ”أليس الصبح بقريب“؟!

أخيرًا، انقلبت مدينتهم عليهم، صار عاليها سافلها، وأُمطروا بوابلٍ من الأحجار دمرت كلَّ معالم حياتهم، وبقيت أرضهم صحراء مقفرة، ودفنت أجسادهم تحت ركام الأحجار الصغيرة المتناثرة؟ قَلَبَ قومُ لوط كلَّ شيء عن طريق الانحراف الجنسيّ فقلب الله مدنهم عاليها سافلها، وحيث كانوا دائمًا يتقاذفون بالكلماتِ البذيئة فيما بينهم، فإن الله أمطرَهم بحجارةٍ تتهاوى على رؤوسهم أيضًا، عبرة لمن يعتبر طريقة تماثل الفعل بالجزاء.

مستشار أعلى هندسة بترول