الدماغ يوظف ضغط البيانات لاتخاذ القرار
8 مارس 2022
مركز أبحاث چامباليمود للمجاهيل، البرتغال
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم 162 لسنة 2022
The Brain Applies Data Compression for Decision-Making
March 8,2022
Champalimaud Centre for the Unknown
تعليق المهندس حسن سلمان الحاجي
الخلاصة: يعمل الدماغ على زيادة الأداء مع تقليل التكلفة إلى الحد الأدنى للاستفادة من ضغط البيانات لتحسين عملية اتخاذ القرار إلى المستوى الأمثل.
بحث مهم وثري بالمعلومات، فالدماغ الذي يشكل تقريبا 2٪ من وزن الجسم بينما يستهلك 20٪ من الطاقة لابد وأن يحاول تحسين أدائه وإلا لو حلل جميع البيانات لاستهلك معظم طاقة الجسم ولأدى ذلك إلى هلاك الانسان، ولذلك يفلتر الدماغ معظم المعلومات التي يتلقاها عبر الحواس الخمس، ويركز على ما هو مهم. فالدماغ مثلا ليس مثل كاميرة الفيديو التي تلتقط كل شيء من حولها، وتسجل كل صوت، لأن الدماغ يفوت كثيرًا من المدخلات الحسية.
البحث المترجم
لو كنت طفلاً في الثمانينيات من القرن الماضي، أو كنت من محبي ألعاب الفيديو القديمة، فلابد أنك تعرف لعبة فروغر Frogger. قد تكون اللعبة صعبة جدًا. وللفوز، على اللاعب أولاً أن يخرج سالمًا من سيل جارف من الازدحام المروري، حينها لابد أن يهرب بصعوبة من حيز النسيان وذلك بالتعرج عبر جذوع أشجار تمر مسرعةً.
مقطع فيديو بلعبة فروغر:
كيف يعرف الدماغ ما ينبغي له أن يركز عليه في كل هذه الفوضى؟
دراسة نُشرت في المجلة العلمية نتشر لعلوم الأعصاب Nature Neuroscience[1] زودتنا بحل ممكن ألا وهو ضغط البيانات.
”ضغط تمثيلات العالم الخارجي «البيئة / المحيط» يشبه إزالة جميع المعلومات غير ذات العلاقة واعتماد فقط“ رؤية نفقية ”مؤقتة للوضع،“ [المترجم: الرؤية النفقية هي فقدان الرؤية المحيطية والاحتفاظ بالرؤية المركزية، مما يؤدي إلى رؤيةٍ دائرية نفقية ضيقة ضمن المجال البصري، [2] ، حسبما قال كريستيان ماتشينز، أحد كبار مؤلفي الدراسة ورئيس مختبر علم الأعصاب النظري في مركز أبحاث چامباليمود Champalimaud في البرتغال.
”الفكرة القائلة بأن الدماغ يرفع مستوى الأداء إلى الحد الأقصى مع تقليل التكلفة باستخدام ضغط البيانات هي فكرة منتشرة في دراسات المعالجة الحسية[3] .“ ومع ذلك، لم تدرس بالفعل في الوظائف الإدراكية، " كما قال كبير المؤلفين جو باتون Joe Paton، مدير برنامج چامباليمود لأبحاث علم الأعصاب.
”باستخدام مزبج من أساليب تجريبية وحوسبية، أثبتنا أن هذا المبدأ نفسه يمتد عبر نطاق أوسع بكثير من الوظائف مما كان مُدركًا في السابق.“
استخدم الباحثون في تجاربهم نموذج توقيت. في كل تجربة، كان على الفئران تحديد ما إذا كانت نغمتان منفصلتان بفاصل زمني أطول أو أقصر من 1,5 ثانية. في الوقت نفسه، سجل الباحثون نشاط عصبونات الدوبامين في دماغ هذه الفئران أثناء قيامها بأداء هذه المهمة.
”من المعروف أن عصبونات الدوبامين تلعب دورًا رئيسًا في تعلم قيمة الأفعال،“ كما أوضح ماتشينز. ”لذا لو قدر الحيوان خطأً الفترة الزمنية في تجربة معينة، فإن نشاط هذه الخلايا العصبية سينتج“ خطأً تنبؤيًا ”من شأنه أن يساعد في تحسين الأداء في التجارب المستقبلية.“ [المترجم: بحسب التعريف، الخطأ التنبؤي هو عدم وقوع الحدث المتوقع[4] ]
أسماء موتيوالا Asma Motiwala، المؤلفة الأولى للدراسة، صممت مجموعة متنوعة من نماذج التعلم المعزز الحوسبي واختبرت أيًا كان الأفضل منها في تسجيل كل من نشاط الخلايا العصبية «العصبونات» وسلوك الحيوانات. لهذه النماذج بعض المبادئ المشتركة، لكنها اختلفت في الطريقة التي مثلت المعلومات التي قد تكون ذات صلة بأداء المهمة.
اكتشف الفريق أن النماذج التي تحتوي على تمثيل مضغوط للمهمة هي فقط التي تمكنت من تفسير البيانات. ”يبدو أن الدماغ يتخلص من جميع المعلومات غير ذات الصلة. ومن الغريب أنه يتخلص أيضًا على ما يبدو من بعض المعلومات ذات العلاقة، ولكن ليس بما يكفي لتؤثر تأثيرًا كبيرًا في مقدار المكافأة [مستوى الدوبامين المفرز؟] التي يحصل عليها الفأر بشكل عام. فهو يعرف بشكل لا لبس فيه كيف ينجح في هذه اللعبة،“ حسبما قال ماتشينز.
ومن المثير للاهتمام أن نوع المعلومات الممثلة لم يكن فقط بخصوص متغيرات المهمة نفسها. ولكنه استحوذ أيضًا على تصرفات الفأر.
ركزت الأبحاث السابقة على سمات البيئة بشكل مستقل عن سلوك الفأر. لكننا وجدنا أن التمثيلات المضغوطة التي تعتمد على تصرفات الفأر هي التي فقط فسرت البيانات بشكل كامل.
أوضحت موتيوالا: ”في الواقع، دراستنا هي الأولى التي تُثبت أن الطريقة التي تُكتسب «تُتعلم» تمثيلات العالم الخارجي[5] ، وخاصة تلك المُكْلفة مثل هذه المهمة، قد تتفاعل بطرق غير عادية مع كيف تختار الفئران كيف تتصرف“.
وفقًا للمؤلفين، فإن هذا الاكتشاف له آثار واسعة مترتبة على علم الأعصاب وكذلك على الذكاء الاصطناعي. "بينما تطور الدماغ بشكل واضح ليعالج المعلومات بكفاءة، غالبًا ما تعمل خوارزميات الذكاء الاصطناعي على حل المشكلات بالقوة العمياء[6] : مستخدمةً الكثير من البيانات والكثير من المعايير / الضوابط. وخلص باتون إلى أن الدراسة توفر مجموعة من المبادئ لتوجيه الدراسات المستقبلية بشأن كيف تدعم التمثيلات الداخلية [أي فكرة أو صورة ذهنية[7] ] للعالم الخارجي [البيئة / المحيط] السلوك الذكي[8] في سياق علم الأحياء والذكاء الاصطناعي.
الخلاصة:
يعمل الدماغ على زيادة الأداء مع تقليل التكلفة إلى الحد الأدنى للاستفادة من ضغط البيانات لتحسين عملية اتخاذ القرار إلى المستوى الأمثل.