آخر تحديث: 30 / 4 / 2024م - 8:48 ص

كيف تعيش ما لا نهاية «∞»؟!

المهندس هلال حسن الوحيد *

في هذه السنوات تنشر المواقع الإلكترونية على مدار الساعة أسماء المتوفين، كل حسب منطقته، ومن جملة التعريف بالمتوفى كم کان عمره يوم وفاته، وعلى الخصوص المشاهىر والأعلام من الناس!

نصىحة يأخذ بها النساء أكثر من الرجال: لا تخبر أحدًا بحقيقة سنين عمرك، فإن كان سنك صغيرًا قلل الناسُ من شأنك وقالوا: هذا صغير، وإن كنت كبيرًا قالوا: هذا شيخ كبير فانٍ حان موته!

نحن الأحياء يهمنا هذا الرقم كثيرًا: هو أو هي أكبر أو أصغر مني! عاش فوق التسعين ما يعني أنني قد أعمر مثله! مات شابًّا دون الخمسين ما يعني أنني قد لا أبقى طويلًا! نقوم بحسابات ذهنية سريعة ومعقدة، ما تلبث أن تتوقف ويأخذها النسيان حتى يأتي اسمٌ آخر!

ماذا لو سألنا الأموات: كم عشتم أيّها الأموات؟ كم بقيتم في الدنيا؟ سيكون جوابهم جوابًا واحدًا: يومًا أو بعضَ يوم! من عاش يومًا ومن عاش مئة عام. أنت القارئ الكريم مرت بك السنوات سريعًا، فإذا أنت الآن فوق الثلاثين أو بعدها، مرت سنوات عمرك مثل ظلّ طائر، لحظة واختفى! أما إذا حسمنا منها أيامَ الطفولة والترح فهي قصيرةٌ جدًّا.

الحياة قصيرة لكنها جميلة، كلنا نشتهيها ونريد أن نكون أزواجًا لها! قصيرة جدًّا إذا ما قسناها بطول الآخرة. فلو أننا قسمنا أي رقم على رقمٍ كبيرٍ جدًّا - لا متناهي - كان حاصل القسمة صفرا! قال تعالى: ﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ. هكذا الحياة بالنسبة للآخرة!

ناتج قسمة أي عدد «a» على ما لا نهاية «∞» هو صفر دائمًا، سواء كان هذا العدد «a» موجبًا أو سالبًا، عددًا صحيحًا أو عشريًّا، وما إلى ذلك، فإن نتيجة القسمة على ما لا نهاية تكون دائمًا مساويةً لصفر. وبينما في أذهاننا اللانهاية أو «∞» عادة هي شيء يمكن تشبيهه بأكبر عددٍ ممكن، أو أبعد مسافةٍ ممكنة، إلا أن «∞» لا يمكن تخيله أو تشبيهه في طول الآخرة! الحياة الأخروية هي حياة حقيقية، لا فناءَ بعدها!

بديهي جدًّا أن يوضح القرآنُ هذه المعادلة الرياضية بصراحة ووضوح لكي لا يقول أحد: لم أعرف! ما قلتَ لنا يا ربّ! مع ذلك نحن نأنس بالدنيا ونلهو بها مثل أطفالٍ يلهون بلعبهم امتدت أعمارنا سنين طويلة أم قصرت!

أما المعادلة الإلهية هي حين يساوي العمر القصير جدًّا ما لا نهاية من الخلود والراحة ولا فناء بحيث تكون المعادلة: صفر = «∞»! وكيف يكون الغضب الإلهي كذلك أيضًا = «∞»!

مستشار أعلى هندسة بترول