آخر تحديث: 30 / 4 / 2024م - 1:07 ص

تجاوب المحبون مع دعبل ونسوا ابن العرندس!

لم أسمع أحدًا من خطباء منطقتنا ينشد شطرًا وافرًا من رائية ابن العرندس الحلي! اللهم إلا من بيتٍ أو بيتين، شواهد هنا وهناك! وهي - هذه القصيدة - تضاهي في جمالها قصيدة دعبل الخزاعي التائية. القصيدتان، تائية دعبل ورائية ابن العرندس، الأولى استحسنها الإمام علي بن موسى الرضا وهذا ثابت، وشاعَ في حال ابن العرندس استحسان إمامٍ آخر لها، وذلك متروكٌ للتحقيق! أجدد الرغبة في الاعتناءِ بتلكم القصائد الخوالد من قبل الخطباء، قصائد كلما أخلقَ الزمانُ تجددنَ!

وإن كان من أحدٍ يسأل عن مناسبة هذه الخاطرة، فهو البيت التالي من قصيدة المرحوم ابن العرندس:

وسالت عليها من دموعي سحائبٌ ** إلى أن تروّى البانُ بالدمعِ والسدرُ

في حديقتي أشجار بان وسدر اخضرّت ونَظُرت مع شيخوخةِ فصلِ الصيف، فقلت ما هو وجه الجمال في البيتِ المذكور لابن العرندس الحلي؟ أشجار السدر مملوءة بالشوكِ وخشنة الملمس، أتحاشاهَا إلا حين تثمر أقطف ثمارها الحلوة الشهية بحذر، ومع ذلك لا أسلم من غرزةٍ أو غرزتين من الشوك!

شجرة البان: تضع خدك عليها، تنعطف وتلين، تقطعها وتكسرها بيدك، مازحها ولاعبها، لا شوك ولا صلابة ولا قسوة! شجرة الحب والدواء، لينة وممشوقة القوام، ولطالما وصف العربُ المرأة بأنها ”غصن بان“ في حال كانت طويلة دقيقة ومفرودة العود. فهل يا ترى قصد ابن العرندس تشبيه السدر بالعدو والبان بالصديق؟ ذلك جائز من باب المبالغة في الحزن الذي يلفّ الصديقَ والعدو!

سواء ذلك ما قصده ابن العرندس الحلي «عليه الرحمة»، أم لم يكن، فتلك قصيدة تكتب بماء الذهب، لا يصح لناعٍ وراثٍ للإمام الحسين أن لا يحفظ شطرًا وافرًا منها!

لمن يحب قراءة قصيدتي دعبل وابن العرندس، قصيدة دعبل مطلعها:

تَجاوَبنَ بِالإِرنانِ وَالزَفَراتِ ** نَوائِحُ عُجمُ اللَفظِ وَالنَطِقاتِ

أما رائية ابن العرندس فمطلعها:

طوايا نظامي في الزمانِ لها نشرُ ** يعطّرها من طيبِ ذكراكمُ نشرُ

تنويه: طوبى لكم، سوف تأكلونَ في الجنة ثمار سدرٍ ”مخضود“، لا شوك فيه! جاء في حديث: كان أصحاب رسول الله ﷺ يقولون: إن الله ينفعنا بالأعراب ومسائلهم، أقبل أعرابيّ يومًا، فقال: يا رسولَ الله لقد ذكر الله في القرآن شجرةً مؤذية وما كنت أرى أن في الجنة شجرة تؤذي صاحبها؟ فقال رسول الله ﷺ: ”وما هي“ قال: السدر، فإن لها شوكًا. قال رسول الله ﷺ: ”أليس يقول الله: في سدرٍ مخضود، يَخضده الله من شوكهِ فيجعل مكان كل شوكةٍ ثمرة، إنها تنبت ثمرًا يفتق الثمر منها عن اثنين وسبعين لونًا من الطعام ما فيها لون يشبه الآخر“.

مستشار أعلى هندسة بترول