آخر تحديث: 30 / 4 / 2024م - 1:07 ص

ملعقة من ”التغافل“ على الريق تداوي جميع عِلَل الزواج!

أعطيكَ خلاصة الوصفة من آخرها: من أجل أن تحلو الحياة، تغافل وسامح ما استطعت! لا تدقق في كلّ صغيرةٍ وكبيرة وفي كلِّ شاردةٍ وواردة. أوصى الإمامُ زين العابدين فقال -: ”اعلم يا بنيّ أن صلاحَ الدنيا بحذافيرها في كلمتين: إصلاح شأن المعايش ملء مكيال ثلثاه فطنة وثلثه تغافل، لأن الإنسان لا يتغافل إلا عن شيء قد عرفه وفطن له“.

حكى القرآن عن أمرٍ حدثَ بين النبيّ محمد ﷺ وزوجاته فقال عنه: ﴿عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ ! يعني أنه ذكر لها بعضه ومن أجل عدم إحراجها كثيرًا، ولم يذكر لها القسمَ الثاني! لم يذكر لها السرّ الذي أفشته كاملًا لكي لا يحرجها أكثر، واكتفى بالإشارةِ إلى جزءٍ منه، وهذا من أجمل ”التغافل“. جاء عن الإمام علي : ”ما استقصى كريمٌ قط، لأن الله يقول: عرّف بعضه وأعرضَ عن بعض“.

الخلاف بين الأزواج مثل ملح الطعام ”ملح الحياة الحلو“، لا مناصَ منه في العلاقة الزوجية! ما دامَ لا يصل إلى حدّ الطغيان والظلم. ﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ، وجود أحدهما مكمل لوجود الآخر، وفي تقديم الله سبحانه كلمة ”مودّة“ على كلمة ”رحمة“ حكمة لم أجد لها تفسيرًا واضحًا!

تغفر المرأة لزوجها - سريعًا - ما يقترف في حقها من تقصيرٍ وآثام! تنسى القسوة والمعاملة الخشنة! النساء يغفرنَ للرجال من أجل أن يبقى حبل المودة ولا ينهدم البيتُ من أساسه! والرجال يغفرون ويسامحون لأن الطلاق مرّ والعيش دون زوج له ما له وعليهِ مَا عليه!

في كل زمان رجال يعرفون كيف يأكلون النساءَ من أكتافهنّ ونساء لأزواجهنّ منهنّ نصيب وافر من التعسف والجور والظلم، يحلمون بشيء من الهدوءِ والراحة فلا ينالون من ذلك الحلم إلا السراب! أمورٌ كثيرة تبدأ بكلمة وتنتهي بطلاق وفراق، كلما فتح الزوجُ بابًا من ”النقار“ والثرثرة فتحت الزوجةُ بابين، وكل فعل يستدعي ردّ فعل مساوٍ له في القوة ومعاكس له في الإتجاه!

دواء ”التغافل“ فيه مرارة في بداية الحياة الزوجيَّة، لكن هذه المرارة تذهب بالتدريج ويصبح تناوله أمرًا هينًا، ونتائجه مضمونة - بإذن الله - من أجل استمرار وسعادة الزواج! نحمد الله أن مجتمعنا - على ما فيه - يجيد استعمال هذه الوصفة، فهو أكثر لطفًا وراحةً في تعامل الأزواج من أغلب المجتمعات، بما فيها المجتمعات الغربيَّة، التي تعد أكثر تقدمًا!

مستشار أعلى هندسة بترول