آخر تحديث: 30 / 4 / 2024م - 1:07 ص

اسمي بالحصَاد ومنجلي مكسور!

المهندس هلال حسن الوحيد *

عندي نخيلات قمنا بصرم ما بقي فيها من تمر بمنشار. لو رآنا والدي طار عقله لأننا لم نستخدم منجلًا في صرم النخيلات! في مثل هذه الأيام من السنين الخوالي كان المنجل رمزًا لروائح الجدّ والعمل والجهد والجهاد. أداة تَصرم النخلة وتزينها لكي تحبَل وتحمل وتمتلئ جنباتها رطبًا وتمرًا من جديد في الفصلِ القادم. لا بدّ لكل فلاح ومزارع أن يمتلك منجلًا ويعتني عليه كما يعتني المقاتلون بسيوفهم.

عاصرنا جزءًا من ذلك الجيل الذي عاش حياةً صعبة، لا يعرف مرارتها إلا من ذاقها. ومن المضحك - المبكي - ترحم الناس على ذلك الزمن الصعب ونعته بأجمل النعوت، وهو لم يكن إلا زمنًا قاسيًا لم يرحم أهله ومن عاشَ فيه. في جزيرة تاروت وأغلب مناطق القطيف، عاش - كثيرٌ من الناس - آنذاك حياةً قاسية، يخزنون التمر ويجففونَ الأسماك حتى يكون لديهم ما يمكنهم من العيش بقية فصول السنة!

طينة الجيل القديم وجيناته وصفاته انتقلت من بعده إلى شباننا وشاباتنا. تغيرت الأدوات، وهذا الجيل يفاجئك بالتميز، ويفرحك بأنه لن يخيب. لكلّ جيل أدوات عمل تختلف عن غيره، وكل الأجيال تشترك في عدّة عملٍ واحدة - الهمّة والنشاط - والإصرار على النجاح والاستمرار في الحياة مهما كانت الظروف والصعوبات!

كان المنجل رمز الكفاح قبل أن تسحقه آلاتُ الحصاد والماكينات الحديثة. هكذا يتطور فكر الإنسان وعقله، يبحث عن الوسيلة الأفضل والأنجع من أجل استمرار وديمومة الحياة بشكلٍ أو بآخر. وعلينا أن نشكر الله ونحذر من دورات الحياة التي لا ترحم!

الحنين إلى الماضي عاطفة حلوة ومرّة! حلوة حين نعتقد أن الماضي كان جميلًا في كل تفاصيله، ومرّة عندما نتصفح الماضي ونرى بأن الحياة كانت صعبة وتفتقر إلى أبسطِ متطلبات وأساسيات الحياة. هذه المرارة يجب أن تكون وقودًا يدفع عجلة الحياة نحو الأفضل!

إن تسأل عن ذلك الزمان، هو زمانٌ مضى نشكر أهله على جيناتِ الكفاح والنضال التي ورثونا إياها، ونورثها لمن بعدنا. نذكر ذلك الزمان ولا نتمنى أن يعود! نحنّ له ولا نتعلق به، ونتطلع لمستقبلٍ أكثر اخضرارًا وازدهارًا لنا ولمن يأتي خلفنا.

التفاتة: كل حضارات العالم كان فيها نوعًا من أنواع المنجل، وقديمًا كان في القطيف حدادون - قطيفيون - يصنعون المناجل وغيرها من أدوات. ضعفت حرفة الحدادة وحل محل المناجل البلدية مناجل تصنع في بلاد الصين وغيرها من البلدان، مع ذلك لا زال في القطيف حدادون يصنعونها بالطرق القديمة التي تروق لمزارعي القطيف.

مستشار أعلى هندسة بترول