آخر تحديث: 30 / 4 / 2024م - 1:07 ص

نساءٌ لا غنى للمرء عنهنّ، أمّ وأخت كبرى وزوجة، فماذا عن موسى (ع)؟

المهندس هلال حسن الوحيد *

من عنده أمّ وأخت كبرى وزوجة، يعرف جيدًا أثر هذا الفريق الكامل والرائع في حياته!

إذا أراد الله شيئًا جعل له سببًا، وكان وجود امرأة في كل منعطفٍ خطير سببًا عظيمًا في حياةِ موسى . ولدته أمه على خوف، أنقذته أختُه من الغرق ودلّت آلَ فرعون على أمه لترضعه وتقرّ عينها. كبرَ في بيت عدوّ يريد قتله فاستَوهبته امرأةُ العدو الذي أراد قتله! فرّ خائفًا من مصر، ولما وصل ماء مدين استراحَ في ظلّ شجرة فهيأ الله له امرأةً تدله على من يحميه وصارت له زوجة!

عرف فرعون أن زوالَ ملكه على يد موسى، وأنه مولود من بني إسرائيل. أمر أصحابه بشق بطونِ الحوامل من بني إسرائيل حتى قتل منهم الكثير، وفي تلكم الفترة كان موسى آمنًا في بطن أمه، يحفظه الله تبارك وتعالى! وُلد فأوحى الله إلى أمّه: ﴿أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ . ألقته أمّه في أمواجِ النيل، فأخذ بمجامع قلبها همٌّ شديد على فراق ولدها. أصبح مكانه خاليًا وفارغًا منه، أوشكت أن تصرخ من أعماقها: هذا الذي في اليمّ ولدي، أعيدوه لي، وتذيع جميع أسرارها، لكن لطف الله تداركها. قالت أم موسى لأخته: قصي موسى وابحثي عنه.

استجابت ”أخت موسى“ لأمر أمها، أخذت تبحث عنه بذكاءٍ وفطنة. بصرت به من مكانٍ بعيد، ورأت صندوقه في الماء يتقاذَفه الموجُ من كل مكان. التقطه آلُ فرعون وظهرت أخته مرةً أخرى حين حرّم الله عليه المراضعَ جميعًا. جاعَ وبكى وعمال فرعون يدورون به بحثًا عن مرضع بعد أن ملأَ قصرَ فرعون بكاءً وضجيجًا. أظهرت أخته نفسها بأنها لا تعرف الطفل، فقالت: ﴿أَدُلُّكُمْ عَلَى? أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ ؟ أعرف امرأةً من بني إسرائيل فيها لبنًا، قلبها ملآن بالمحبة، فقدت وليدها، وتقدر أن ترضعَ الطفل!

حدث شجارٌ بين فرعون وامرأته، آسية، فرعون يريد أن يقتل موسى لأنه رأى في الطفل علائم أن هذا الطفل من بني إسرائيل، وأن زوال ملكه على يده، جثَم كابوسٌ ثقيلٌ على صدر فرعون وأراد أن يقتل موسى. في هذه اللحظة جاء دور آسية: ﴿قَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى? أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ .

كبر موسى في قصر فرعون وقتل رجلًا في قصّةٍ مفصلة ذكرها القرآن وفرَّ هاربًا نحو مدين. وصل مدين متعبًا جائعًا، ”وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ“، وهنا أيضًا كانت امرأتان! بعد ما رأت البنتان من قوته وأمانته قالت إحداهما لأبيها استأجره. استأجر أبوها موسى وصارت هي زوجةً لموسى فيما بعد!

أم، أخت كبرى، زوجة، هذا المقدار من النساء يكفي! أما موسى فقد فاز برعاية سيدة من سيدات نساء الجنة!

مستشار أعلى هندسة بترول