أجمل الأصوات في الفجر صوت الله!
أخفض كلّ الأصوات في الفجر - لا صوتَ مذياع ولا تلفاز ولا تواصل - وعلِّ صوتَ الله! أخفض كل الأصوات واستمع لصوت الصبح يتنفس في هندسةٍ بديعة. هذا الصبح الذي ولد من جديد وبدأ مثل وليد يأخذ أول أنفاسه مع طلوع الفجر. استمع لصوت الصبح في كل الموجودات، بعد أن هدأت أنفاسهَا في ظلامِ الليل ﴿وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ﴾ !
أطفئ كلّ الأنوار وانظر إلى جمال الصبحِ إذا أسفر! كان الليلُ ستارةً سوداء غطَّت وجه الصبح، فما أن يدبر الليل ويطل الفجر حتى ترى وجه الصبح مشرقًا بنور الله ﴿وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ﴾ .
تستيقظ الدنيا في الفجر وتعود الحياةُ إلى كلّ شيء بعد فترةٍ وجيزة من السبات. أجمل الأصوات يسمعها من أيقظه الله من النوم صوتَ الله الذي أيقظه من مماته وأحياه ولو شاء لأبقاه ميتًا ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ﴾ ؟!
أجمل الأصواتِ صوت الله، لا صوت المغني فلان والمغنّية فلانة، ”والرابر“ علّان وعلّانة. ولا صوت السيّارة الذي يوقظ الموتى والنّاس نيام! مزاجنا رقيق وقلوبنا مفتوحة في الفجر تستقبل ما ينزل من السماء من رحمات، ويصعد إلى السماء ما نطلبه ونرجوه من ربّ الأرباب، ربما صادف ساعةَ استجابة ويعطينا ما طلبنا.
صوتُ الله في قرآن، دعاء، ساعة فكر في الكون، أجمل أوقاتها الفجر. لا عجب أن كان النوم مكروهًا بين طلوع الفجر وطلوع الشمس، لكم يخسر الإنسان من متعةٍ ووقت مختلف جدًّا، لا إزعاج ولا ضوضاء، تأتي نسماتُ الله رقيقةً معتدلة. لا بد أن القارئ العزيز يلحظ ضوضاء السيّارات والمعامل والعمال وحركة النَّاس بعد طلوع الشمس، بينما قبل ذلك كان كلها هادئًا نائمًا!
بين الفجر وطلوع الشمس فترة غلبة ضياء الشمس ظلمةَ الليل وغلبة الحركة وانتصارها على السكون، وحاكميّة العمل على الركود والراحة. برهة من الزمن أفضل الأصوات فيها صوت الله سبحانه وتعالى، لا صوت غيره! بين الفجر وطلوع الشمس أفضل ساعة لاستذكار الدروس، للتواصل مع الله جل جلاله، للتفكير في الرزق، للتخطيط لبقيّة اليوم، لبعض التمارين الجسديّة، ومن أسوأ الساعاتِ للنوم.
أغلبنا بالكاد استيقظ، ثم انطلق - مباشرة - في الشوارع إلى عمله أو مدرسته، مزاجه عَكِر وخلقه ضيق، لا يرى الشمسَ وهي تطلع يومًا واحدًا في حياته! أما الذين استيقظوا باكرًا، فهم خططوا ونظموا أمور يومهم بكل أريحية! الاستيقاظ باكرًا من عادات الناجحين - من يطلب الدنيا ومن يطلب الآخرة - ومن الممتع أن عادة الاستيقاظ باكرًا يذكرها أغلب الناجحين في سيرهم الذاتيّة.
