آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 2:29 م

هل ننعى الذوقَ العامّ؟!

المهندس هلال حسن الوحيد *

حتى الذوق في الأغاني أصابه خلل! صار عاطلًا، لا حليةَ ولا جمالَ في الذوق ولا في الأغاني!

في هذه الأيام، الجوّ معتدل، نرى شابًّا يقود دراجةً ناريّة وصوت الأغاني يصدح بعيدًا بلغة نعجز أن نفهمها؛ أسبانية؟ هل هي إنجليزيّة؟ عربيّة؟ هنديّة؟ أم غير ذلك؟ لا يهم عند الشابّ اللغة، المهم أن اللحنَ والطقطقة تشبه صوت حوافر خيلٍ تجري على أرضٍ صلبة!

في صباحِ أحد الأيام سمعتُ أغنية فيها بذاءة وكلمات مستهجنة، باللغة الانجليزيّة، والشبّان لا يهم ما دام شدة الصوت أعلى من مائة ”ديسبل“، والنوتة تناسب! بعيدًا عن الحلال والحرام، الأغنية تحمل ثقافةَ الشعوب ومعاناتهم، حزنًا وفرحًا. لا بدّ أن يكون فيها شيئًا مفهومًا. وإن اختلفت اللغة والثقافات، معاناة الإنسان واحدة، حبّه واحد، ورغبته في الانعتاق من واقعٍ لا يرغب فيه واحدة.

فليسامحني الفنّان والمغنّي والشاعر - والمستمع - في هذه الفترة، ألحظ إنحدارًا خطيرًا إلا ما ندر! هذا الانحدار سمة من سمات الانحدار العامّ في الذوق، والعتَاب والملامة فيه على المستهلك الذي يشتري المترديةَ والنطيحةَ وما أكلَ السبع! هذا الإنحدار ضريبة العولمة التي تزيل الفواصلَ والحواجزَ بين الشعوب، ويختَلط فيها الحابلُ بالنابل!

بما أن الارتقاء حركة معاكسة للجاذبيّة فهو يتطلب جهدًا مبذولًا، والانحدار هو حركة متسقة مع الجاذبيّة فلا يحتاج إلى جهد، لذلك ترانا نأخذ ولا نعطي، نستورد ولا نصدّر! فهل من الممكن أن تسمع أغنيةً عربيّة خارجَ وطنها؟ وهل يستطيع أحد أن يرتقي بالذوقِ العام؟

ولكي لا تضيع الفكرة من يد القارئ العزيز، أعيدها في صياغةِ أسئلة، لماذا لا نعتني بثقافتنا؟ لماذا كل شيء أجنبيّ يبدو جميلًا في أعيننا؟ لماذا الذوق العام ينزلق - بعمومه - للأسفل ولا يرتقي؟! الحقيقة أن كل ما حولنا يشي ويشعر بالتحول نحو ثقافةِ الانحدار والتبسيط والتسخيف والتسطيح. هذا النمط من الانحدار هو عدوّ لكلّ ما هو راقٍ ومتميز، ولا يُرتجى الخروج منه بسهولة!

التفاتة: ليس الغرض من هذه الخاطرة عرض حلِّية أو حرمةَ الأغاني، ذلك شأن له أهله ومحله. إنما الغرض إشعاع ضوءٍ على بعض السلوكيّات الحديثة التي حتمًا يلحظها القارئ العزيز! هي دعوة إلى ملاحظة تغير عموم السلوكيّات بتغير الأجيال والعوامل المؤثرة في الأجيال! وإن أحببتم أيضًا دعوة لمراعاة الذوق العام، المتسالم عليه!

مستشار أعلى هندسة بترول