آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 2:29 م

زواج ابن عمك.. تذهب دون دعوة؟

المهندس هلال حسن الوحيد *

في هذه الأيام المباركة السعيدة التقيتَ صديقًا، وكما هي عادة القطيفيّين في التحايا؛ كيفك وكيف الأهل والأصدقاء والأقارب، إن شاء الله بخير يا ربّ؟ قبل أن تنصرفَا يودعك الصديق ويقول: نراكَ الليله في زواج فلان، ابن عمك!

فلان ابن عمّي؟ أوف! بيني وبينه بَلاوى - عداوة سنوات - حتى أنه لم يتذكر اسمي ولم يعزمني على حضور زواجه، هو أصلًا لا يستحق السلام، كيف أذهب دون دعوة وأتعرّض للحرج؟ الكلّ سوف ينظر ويسأل: كيف جاء هذا الأدميّ؟ لماذا حضَر؟! أم تكون يوسفيًّا؟

تأخذ من صفاتِ النبيّ يوسف ، وتقول: نزغ الشيطانُ بيني وبين أبناء عمومتي. أنا أعقل وأرقى، أحضر وأرتقي فوق الجراح الكاذبة وأتصالح! فعلَ إخوةُ يوسف بيوسف الأفاعيل، ولما حان وقتُ الصلح التفتَ إلى إخوته وأبويه وقال: ادخلوا مصرَ إن شاءَ اللهُ آمنين. أظهر يوسفُ مثلًا رائعًا من سعةِ صدره وعظمته، ودون أن يقول: من هو المقصّر؟ من هو الغلطان؟ هم رموني في البئر وكدت أموت! قال بصورة مجملة إنَّ الشيطانَ تدخلَ فنزغَ بيني وبين إخوتي، والآن انتهت القضيّة!

في الدنيا قامات وهامات لا يهمّ في نظرهم من يبدأ الصلح ومن ينهي الخلاف:

فَإِن يَأكُلوا لَحمي وَفَرتُ لحومَهُم ** وَإِن يَهدِموا مَجدي بنيتُ لَهُم مَجدا

وَإِن ضَيَّعوا غيبي حَفظتُ غيوبَهُم ** وإن هم هووا غيّي هويت لهم رُشدا

في الدنيا من هو على سرير الموت يوصي بالقطيعة وتوريثَ الضغينة، وفي الدنيا من يُورث البهجةَ والسرور وحسن الوصال:

عن الإمام الصادق : إن رجلًا أتى النبيَّ ﷺ فقال: يا رسولَ الله إن لي أهلًا قد كنت أصلهم وهم يؤذوني، وقد أردتُ رفضهم، فقال له رسول الله ﷺ: ”إذن يرفضكم اللهُ جميعًا“. قال: وكيف أصنع؟ قال: ”تعطي من حرمك، وتصل من قطعك، وتعفو عمن ظلمك، فإذا فعلتَ ذلك، كان الله عزّ وجلّ لك عليهم ظهيرا“.

لو تأملنا أنّ عشرةً من النّاس - في مجتمعنا - مروا بهذا الظرف، هل يحضر العشرة؟ خمسة؟ أم واحد؟ مع شدة حرص الدين واهتمام الناس بصلة الرحم، إلا أنه لو حضر اثنان «20%»، فذلك أمر يدعو للبهجة!

تعددت الأسباب والعداوات واحدة، تتبخر أملاحُ البحر ولا تتبخر العداوات بين النّاس! قوي جدًّا من يقاوم الرغبة في ردّ صاع العداوة صاعين. عظيمٌ جدًّا من يسحق العداوات بقدميه!

القارئ العزيز، من أي صنفٍ تظن نفسك؟

مستشار أعلى هندسة بترول