هل تخالف القانون؟
الساعة الثّانية بعد منتصف الليل، الجو بارد والنوم يطرق رأسك ولا من أحدٍ في الطريق سواك. الإشارة الضوئيّة حمراء والثّواني تشير إلى 90 ثانية قبل أن يتحول اللونُ من أحمر إلى أخضر ومن ثمّ تواصل طريقك. تنظر يمنةً ويسرة، للأمام والخلف، لا شرطيّ مرور ولا آلة تصوير، هل تنتظر أم تواصل؟
وصلتَ المطار وحقيبة الوزن فيها زيادة وزن حوالي 5 كيلوغرامات، بإمكانك أن تجد وسيلةً ما بحيث تسافر دون دفع كلفة زيادة الوزن، ماذا تفعل؟ استمتعتَ بسهرة رائعة في حديقةٍ - عامّة - مكتوب في نواحيها: ممنوع رمي المخلفات، لكن لا يوجد من يسجل غرامات، هل ترمي مخلفات؟ القارى العزيز، لو استطردنَا في سرد أنماط مخالفة القانون لاستطعنا ملء كتب، وكل تلك المخالفات تحمل بين طيّاتها إشكالاتٍ شرعيّة وأخلاقيّة وحضاريّة، كل مخالفة بحجمها! دون أن نشعر، نحن محاطون بقوانين واتفاقيات مع الله ومع النّاس، يمكن أن نتملصَ من بعضها دون عقوبة دنيويّة، فماذا بعد؟
الدين الإسلاميّ يريد أن يحصل المنتمون إليه على درجة الكمال، لا درجة النجاح، فتراه يضع ضوابطَ أخلاقيّة، يحرّم ويجرّم أو يبغض في مخالفتها، إلا أن المنتسبين إليه عادةً ما يتغافلون عنها. وإلا فهو - الدين - يدخل في أصغر وأكبر التفاصيل وفي كلّ شاردةٍ وواردة.
عزيزي القارئ: هل تخيلتَ ولو لطرفة عين كيف تكون سهولة الحياة لو التزمنا بالنظام في المنزل والمدرسة والطريق والمعمل والمسجد؟ سوف تسير الحياة في سلاسةٍ ويُسر لا يمكن تصوره! وأكاد أجزم أن كلمة ”مكارم الأخلاق“ التي قال النبيّ محمد ﷺ أنه بُعث من أجل إتمامها لا تستثني شيئًا من محاسن الأخلاقِ وأطايبهَا. هل من مكارم الأخلاق أن أذلّ نفسي؟ هذا يلومني وهذا يقرعني وهذا ينتقص قدري إذا رأوني مخالفًا للقانون؟ لا أظنّ ذلك!
ركبتُ يومًا مع شابّ في سيارته وكان يحكي لي عن المبالغ الماليّة الكبيرة التي ترتبت عليه بسبب مخالفة قوانين المرور؛ سرعة، عدم لبس حزام الأمان، استخدام الهاتف أثناء قيادة السيّارة، وزيادة. بينما هو يسكن في شقة بإيجار شهريّ وسيارته تحتاج إلى صيانة. هذه واحدة من أضرار مخالفة القانون!
سؤال في همس: هل تخيلتم كيف تكون الأسرة دون قانون؟ خذوا لحظات وتمعنوا في لماذا وضع الله ضوابط، ما هي فوائدها وما هي عواقب التخلف عنها؟ غير خفيّ عليكم أنَّ هناك نماذج من المجتمعات حصدت العواصف حين تركت الأسرةَ سائبةً ومهملة!
