آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 10:56 ص

فَأَمَّا آلْيَتِيمَ فَلَا..!

المهندس هلال حسن الوحيد *

نقرأ إعلانًا عن وفاة الشابّ ”فلان“ أو الشابّة ”فلانة“ في موقع تواصل، إنا لله وإنا إليه راجعون!

وَ إِذَا حَمَلْتَ إِلَى الْقُبُورِ جَنَازَةً * فَاعْلَمْ بِأَنَّكَ بَعْدَهَا مَحْمُولٌ

ثم في ذيل الإعلان أسماء أولاد وبنات أصبحوا يتامى بعد هذا الإعلان. هذا أصعب جزءٍ من نبأ الوفاة! ألف قلبٍ لا يساوي قلبَ أمّي! ألف رِجْلٍ وإن كبرت لا تملأ فردةً واحدةً من حذاءِ أبي! شرارة دفء في برد الشتاء، انطفأت وصارت الليالي باردة مثل الثلج، إلّا إذا..

فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ..

وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ..

وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ..

وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ..

حوالي إحدى وعشرين آية في القرآنِ الكريم ذكرت اليتيم واليتامى! مسألة أهمّ من الإطعام والإنفاق بشأن الأيتام، وهي اللطف بهم والعطف عليهم وإزالة إحساسهم بالنقص العاطفيّ، إكرامهم ورعايتهم، إدارة أموالهم، تعليمهم، وفي هذه الآونة عشرات المطبات التي يمكن أن يقع فيها اليتيم! فإذا أنتَ يا رسولَ الله «صلى الله عليكَ وآلك» كنتَ يتيمًا أيضًا وعانيت من آلام اليتم، الآن عليك أن تهتمّ بالأيتام كلّ اهتمام وأن تعلم الإنسانية كيف لا يُنسى ولا يضيع اليتيم بينهم!

لذلك ورد في الحديث عن رسول الله ﷺ في حقّ اليتامى الكثير: ”من مسحَ على رأسِ يتيم كان له بكل شعرة تمر على يده نور يوم القيامة“. وأيضًا: ”كن لليتيم كالأب الرحيم، واعلم أنك تزرع كذلك تحصد“.

أريد أن أقول في هذه الخاطرةِ القصيرة: في الدنيا صبايا وصبيان اقتلع القدرُ أمهاتهم أو آباءهم مثلما تُقتلع الشجرةُ من جذورها، فإما أن يحصلوا على من يحميهم وما يحميهم من غوائلِ الزمن كمًّا وكيفًا وإلا من الممكن أن يتحول اليتيم في هذه الآونة إلى شخصٍ أقل نجاحًا مما لو كان غير يتيم! البركة في الخيّرين من النّاس - الأقرباء والبعدَاء - يملؤون جزءًا من الفراغ حتى يترعرع ويكبر اليتيم!

مما أوصى به أميرُ المؤمنين عليّ بن أبي طالب ولديه الحسن والحسين «عليهما السلام» ومن بلغه كتابه، بعدما ضربه عبد الرَّحمن بن ملجم على رأسه: ”الله الله في الأيتام، فلا تغبّوا أفواههم، ولا يضيعوا بحضرتكم“، ومن أرقّ ما قالَ في اليتيم:

ما إِن تَأَوَّهتَ في شَيءٍ رُزِئتَ بِهِ

كَما تَأَوَّهتَ لِلأَطفالِ في الصِّغَرِ

قَد ماتَ والِدُهُم مِن كانَ يَكفُلُهُم

في النائِباتِ وَفي الأَسفارِ وَالحَضَرِ

التفاتة: هل يوجد يتامى، آباؤهم وأمهاتهم أحياء؟ آباء شغلتهم الدنيا وأمَّهات شغلتهم الأنانيّة، رجال ونساء أموات بين أحياء، لا وقت لديهم ليعرفوا مشاكل الشباب وصحبة السوء وما تفعله بعقول أولادهم وبناتهم! هؤلاء نوع آخر من اليتامى.

مستشار أعلى هندسة بترول