آخر تحديث: 8 / 5 / 2024م - 8:35 م

الدعم

محمد أحمد التاروتي *

السذاجة في التعاطي مع القضايا الاجتماعية، تتسبب في إشاعة الفوضى، واحداث الكثير من المصائب، فالسذاجة تقود إلى التصادم احيانا وأحيانا أخرى إلى التخريب الكبير، خصوصا وان الانخراط في الصراعات بدون امتلاك الأدوات اللازمة، أو الافتقار إلى الدراية الكاملة، يخلق الكثير من المشاكل على الصعيد الاجتماعي، فالنوايا الحسنة ليست كافية لإدارة الصراعات بالطريقة الاحترافية، مما يستدعي ابعاد ”السذاجة“ كليا لتفادي الدخول في مصائب كبرى.

التحرك غير الواعي يجلب الويلات على المحيط القريب، فالمشاكل تتطلب البحث في الزوايا الصغيرة، للحصول على الإجابات الشافية، لاسيما وان الصراعات الاجتماعية تتخذ اشكالا مختلفة، بعضها ذات صبغة أخلاقية، والبعض الاخر ذات مسارات شخصية، الامر الذي يدفع للإحاطة بكافة الأسباب الكامنة، وراء اشتعال تلك الخلافات الاجتماعية، من اجل الحصول على الحلول المناسبة، والعمل على السيطرة عليها قبل استفحالها، خصوصا وان سيطرة اللامبالاة في البيئة الاجتماعية، تقود إلى الخلافات المزمنة، وبالتالي الدخول في انفاق مظلمة يصعب السيطرة عليها، جراء وجود حواجز كبيرة يصعب تجاوزها، بسبب تقادم تلك الصراعات، وتشربها في الثقافة اليومية لدى بعض الشرائح الاجتماعية.

امتلاك الرؤية الشمولية للأسباب الكامنة، لاندلاع بعض الخلافات الاجتماعية، مدخل أساسي في مشوار الحلول الجذرية لإنهاء تلك الصراعات، والدخول في مرحلة ”السلم الاجتماعي“، خصوصا وان الرؤية الشمولية قادرة على الإضاءة على بعض الزوايا المظلمة، مما يسهم في إزالة الكثير من الاتربة العالقة عليها، جراء تعصب بعض الأطراف، ورفض الانخراط في مسار المصالحة لدى تلك الاطراف، وبالتالي فان الرؤية قادرة على وضع الأمور في المسارات السليمة، من خلال التركيز على جوانب الالتقاء، والابتعاد كليا عن نقاط الاختلاف، بهدف وضع اطراف الصراعات في مناطق مشتركة، مما يمهد الطريق للدخول في مرحلة السلم، وتناسي الخلافات مؤقتا.

الرغبة في تقديم الدعم لتضميد الجراحات الاجتماعية، خطوة أساسية في عملية تقريب وجهات النظر، حيث تقود هذه الرغبة في خلق البيئة المثالية، من خلال التحرك الهادف إلى تحريك المياه الراكد، باتجاه تعزيز السلم الاجتماعي، والعمل على إزالة جميع العراقيل، التي تعترض طريق المصالحة الشاملة، فهناك العديد من الخلافات لا تتطلب الكثير من الجهد لإنهائها بشكل كامل، نظرا لوجود الأرضية المناسبة لوضع نهايات سعيدة لها، وبالتالي فان الرغبة في التحرك باتجاه توفير الأجواء المناسبة للمصالحة الاجتماعية، يكشف عن وجود ”حياة“ في البيئة الاجتماعية، خصوصا وان سيطرة اللامبالاة تسهم في تكريس التمزق الاجتماعي، وتعمق الخلافات في البيئة الاجتماعية، مما يقود إلى تدمير النسيج الاجتماعي، عبر تغليب العصبية على التفكير العقلاني، الامر الذي يفضي إلى الانقسام الداخلي في الجسد الاجتماعي.

عملية الدعم تكون غير فاعلة، وليست قادرة تحقيق إنجازات حقيقية على الأرض، بدون وضع خارطة طريق، بحيث تتضمن الخطوات الأساسية والإجراءات المناسبة، بهدف احداث الأثر الكبير على الصعيد الاجتماعي، خصوصا وان التحرك العشوائي يكون سلبيا في بعض الأحيان، نتيجة الافتقار للآليات القادرة على كسب الثقة لدى اطراف الصراع، وبالتالي فان الخطة المرسومة تشكل قاعدة أساسية للتحرك المدروس، لاسيما وان التحركات الواضحة تضع الجميع في الصورة، وتعزز المصداقية في القدرة على احداث الأثر الملموس في اطراف الخلاف، بمعنى اخر، فان محاولة الوصول إلى توافق شامل وانهاء الخلافات، تستدعي تحريك الجانب الواعي، والابتعاد عن التحركات الفوضوية، بهدف وضع الحلول القادرة على رسم مسارات واضحة، لتضميد الجراحات في الخلافات الاجتماعية.

الدعم لا يقتصر على الجانب المعنوي، وإنما يشمل كذلك الجانب المادي، فهناك بعض الصراعات تستدعي الدعم المالي، لتوفير المناسب لتقريب وجهات النظر، مما يتطلب الاستعداد الكامل للبذل لتجاوز تلك الخلافات الاجتماعية، وبالتالي فان عملية الدعم أساسية في المحيط الاجتماعي، باعتبارها وسيلة قادرة على وضع الأمور في المسارات الصحيحة، فيما يتعلق ببعض الخلافات الاجتماعية.

كاتب صحفي