آخر تحديث: 8 / 5 / 2024م - 11:35 ص

مقياس النجاح

محمد أحمد التاروتي *

تختلف النظرة إلى النجاح باختلاف المفاهيم الثقافية، وايضا مستوى التفاعل على الأرض، فهناك نجاحات تواجه بموجه عارمة من المعارضة جراء اختلاف الرؤى الثقافية، الامر الذي يؤسس لحالة خصام وطلاق ”بائن“ مع تلك النجاحات، نظرا لتباعد الرؤية لجدوى هذه النجاحات على الصعيد الاجتماعي، مما خلق حالة من الإحباط الاجتماعي، وأحيانا العداء الكامل تجاه تلك المشاريع الاجتماعية، بالإضافة لذلك فان التفاعل الإيجابي يؤسس لمرحلة متقدمة من النجاحات الاجتماعية، خصوصا وان العزوف وعدم المبالاة تحدث حالة من ردود الأفعال السلبية، فتارة تكون موجهة لأصحاب المشاريع بغرض افشالها، وعدم اتاحة الفرصة لأخذ دورها الطبيعي في البيئة الاجتماعية، وتارة أخرى تكون تجاه البيئة الاجتماعية الحاضنة، فاصحاب المشاريع يحاولون تحميل الفشل إلى التفاعل الاجتماعي، من اجل إيجاد المبررات لعدم القدرة على تحقيق النجاحات المأمولة.

قياس النجاح مرتبط بالأثر الاجتماعي، وكذلك بالتغييرات المترتبة على الصعيد الفردي، فهناك نجاحات لا تتجاوز الاطار الشخصي، وليست قادرة على اختراق المحيط القريب، فضلا عن الوسط الاجتماعي الكبير، فتارة للقصور في قدرة تلك المشاريع على تحقق المزيد من النجاحات، وتارة أخرى للفشل في الترويج الصحيح لتلك المشاريع، مما يحول دون قدرتها على الاختراق في الوسط الاجتماعي، وبالتالي اتخاذ مواقف معارضة أو اراء متحفظة، بحيث تترجم على اشكال مختلفة، بعضها ذات علاقة بالعلاقات الشخصية مع أصحاب تلك المشاريع، والبعض الاخر مرتبط بالتعاطي مع أفكار واراء تلك المشاريع.

اطلاق الاحكام المسبقة بالنسبة للفشل أو النجاح، يتسبب في الاقدام على ممارسات غير صائبة، فالأحكام المسبقة تولد قرارات خاطئة في الغالب، خصوصا وان القرارات الارتجالية لا تجلب سوى خيبات الامل على أصحابها، فهناك العديد من الاحكام أعطت نتائج عكسية، وساهمت في ادخال أصحابها في معضلات كبرى، وبالتالي فان محاولة الدراسة المستفيضة، بحيث تأخذ في الاعتبار كافة العناصر المؤثرة على النجاح أو الفشل، بهدف إعطاء الوقت الكافي للوصول إلى القرارات الصائبة، والخروج من مأزق الاستعجال، والدخول في مصيدة الاحكام المسبقة، لاسيما وان هناك تباين كبير بين القرارات الصائبة ونظيرتها الخاطئة، فالأولى تسهم في الوصول إلى النتائج السليمة، وتفضي إلى حالة من التصالح مع البيئة الاجتماعية، بينما الثانية تقود إلى التخبط والضياع، والدخول في مسلك التقاطع مع الوسط الاجتماعي.

النظرة الاجتماعية تلعب دورا حاسما، في تحديد مسار النجاح أو الفشل، فالبيئة الاجتماعية تشكل رافعة للكثير من المشاريع على اختلافها، حيث تمتلك الأدوات اللازمة لإيصال تلك المشاريع إلى مرحلة النجاح، وكذلك تمتلك القدرة على إدخالها في نفق الفشل والاندثار، وبالتالي فان استقطاب البيئة الاجتماعية يساعد في وضع القدم على سلم النجاح، فالدخول في عداء مع البيئة الاجتماعية يخلق العديد من المصاعب، ويعرقل انسيابية انتشار المشاريع بطريقة سلسة، مما يسهم في تعقيد الموقف والدخول في خانة الفشل، نتيجة الوقوف في وجه التيار الاجتماعي الجارف، لاسيما وان عملية استقطاب البيئة الاجتماعية مرتبطة بامتلاك المؤهلات الذاتية، في الحصول على ”الاعتراف“ الشعبي، من خلال التركيز على الجوانب المشتركة والابتعاد عن نقاط الخلاف.

المفاهيم الثقافية المساندة للتجديد تلعب دورا حيويا، في تسجيل العديد من النقاط الإيجابية، فالمخاوف الشديدة من الدخول في عملية التجديد، تدفع البعض لمحاولة وضع ”العصا في العجلة“ لإحداث قطيعة اجتماعية مع تلك العمليات التجديدية، على الاطار الاجتماعي، وبالتالي فان إزالة تلك المخاوف يمثل مدخلا أساسيا، لتحقيق النجاح على الصعيد الاجتماعي، لاسيما وان التيار المناصر للمفاهيم الثقافية التجديدية يكون سندا قويا، في تسجيل المزيد من النجاحات، والحصول على الضوء الأخضر للسير قدما، في عملية التجديد والنهوض على الصعيد الاجتماعي.

كاتب صحفي