آخر تحديث: 8 / 5 / 2024م - 11:00 م

المسبقات الفكرية

محمد أحمد التاروتي *

المسبقات الفكرية تلعب دورا فاعلا، في تحديد الخيارات الحياتية لدى المرء، فتارة تدفعه نحو الانطلاق لتشكيل مستقبله الحياتي، من خلال الاستفادة من القناعات الفكرية، وتوظيفها بالطرق المناسبة، بهدف تحقيق المزيد من النجاحات على الصعيد الشخصي أحيانا، والاطار الاجتماعي أحيانا أخرى، وتارة أخرى تكبل المسبقات الفكرية تحركات المرء، من خلال التقوقع ضمن إطارات محددة، جراء الوقوع في فخ الأوهام والمخاوف، الامر الذي ينعكس بصورة مباشرة على المستقبل الشخصي، وبالتالي الضياع وعدم القدرة على رسم المسار الخاص في الحياة.

عملية توظيف المسبقات الفكرية مرتبطة بالقدرة، على الانطلاق بقوة نحو الفضاء الرحب، من خلال تسخير تلك القناعات بشكل إيجابي بعيدا عن الأوهام، أو الاستسلام إلى الضغوط الاجتماعية، خصوصا وان الكثير من المسبقات الفكرية مرتبطة بالتجارب الحياتية، مما يجعلها تراوح في ميزان بين ”الخطأ“ و”الصواب“، وبالتالي فان الوقوف عندها، وعدم تجاوز يعرقل المسيرة الشخصية للإنسان، بمعنى اخر، فان محاولة كسر الطوق النفسي الذي تفرضه بعض المسبقات الفكرية على المسيرة الحياتية، يشكل المفتاح الحقيقي لتسجيل المزيد من النجاحات، ورسم المستقبل في مختلف المجالات الحياتية.

التفاعل الإيجابي مع المسبقات الفكرية، يساعد في وضع الأمور في المسار السليم، خصوصا وان هناك بعض القناعات ليست قادرة على اخراج المرء من حالة السكون، إلى مرحلة النشاط والتحرك بقوة، مما يستدعي تجاوز تلك القناعات عبر استخدام العنصر الإيجابي، من خلال اتخاذ الاليات المناسبة لتعظيم الجانب الإيجابي على العناصر السلبية، لاسيما وان الاستسلام للخوف والخشية من اقتحام الحياة، يولد الحسرة في النفوس من جانب، ويحرم المرء من اكتشاف المزيد من التجارب من جانب اخر، وبالتالي فان التفاعل الإيجابي لا يمثل التهور، وعدم احتساب الخطوات بدقة متناهية، بقدر ما يمثل التحرك وفق منهجية قادرة على تحريك المخاوف السلبية، باتجاه الحالة الإيجابية لاقتناص الفرص في الحياة.

المسبقات الفكرية تمثل مدخلا ضروريا، في توجيه المرء باتجاه الخيارات المتعددة، فهناك خيارات ذات اثر إيجابي على الصعيد الشخصي، من خلال تسخير تلك القناعات بعملية الصعود في الحياة، والتحرك بطريقة ثابتة، الامر الذي يساعد في ابراز المرء في مختلف المجالات الحياتية، فيما تساعد المسبقات الفكرية المرء في تحقيق الكثير من الاختراقات على الصعيد الاجتماعي، خصوصا وان المزاوجة بين المسبقات الفكرية والثقافة الاجتماعية السائدة، تساعد في تحقيق المصالحة، بين القناعات الخاصة والثقافة المجتمعية السائدة، بحيث تفضي لحالة من الانسجام الفكري، والحصول على التأييد الشعبي، الامر الذي يسهم في عملية الصعود، والارتقاء في البيئة الاجتماعية.

يصعب التحرك في الحياة دون الايمان الكامل بالإمكانيات الشخصية من جانب، ووجود قناعات راسخة بالقدرة على تحطيم الحواجز المادية والمعنوية من جانب اخر، وبالتالي فان التحرك الفاقد للمقومات الأساسية مصيره الفشل، وإضاعة الوقت، والسقوط في مستنقع الضياع، فعملية الصعود في الحياة تتطلب التدرج من جانب، والقدرة على الصمود في وجه التيارات الحياتية من جانب اخر، خصوصا وان هناك تحركات تتسم بالفوضوية مما يسلبها القدرة على البقاء، في مواجهة التحديات على اختلافها، جراء الافتقار للأسس المطلوبة لتحقيق النجاحات.

الابتعاد عن مناطق التوتر، والتركيز على النقاط الإيجابية، والتحرك وفق الإمكانيات المتاحة، عناصر أساسية في توظيف المسبقات الفكرية بالطريقة المناسبة، خصوصا وان الانتقال من الحالة السلبية إلى الجانب الإيجابي، ينم عن حكمة وقدرة فائقة في التعاطي السليم مع المسبقات الفكرية، فهناك افراد تحاول توظيف القناعات بشكل خاطئ، مما ينعكس بصورة سلبية على المسيرة الحياتية، فيما تمتاز بعض الافراد بالقدرة على تحريك الأمور بشكل مختلف للغاية، من خلال اختيار الزوايا المناسبة بهدف الحصول على المكاسب السريعة، وتحقيق المزيد من النجاحات في مختلف المجالات الحياتية.

بكلمة، فان المسبقات الفكرية تكون عنصرا في التحفيز، والارتقاء على الصعيد الشخصي، بمجرد التعاطي معها بشكل إيجابي، فيما تشكل عنصرا احباط وتحطيم في حال التعاطي معها بطريقة سلبية وغير واعية، فالعبرة في الاليات المستخدمة في طريقة الاستفادة من المسبقات الفكرية.

كاتب صحفي