آخر تحديث: 9 / 5 / 2024م - 12:28 ص

تحدي ام تحفيز

محمد أحمد التاروتي *

يلعب اغراء التحدي دورا فاعلا في تفجير الطاقات المكنونة لدى بعض الافراد، باعتباره ”الفيتامين“ القادر على إعادة النشاط في جميع الاتجاهات، الامر الذي ينعكس بصورة مباشرة في احداث تغييرات مستدامة، أو مؤقتة في حياة بعض الأشخاص، لاسيما وان التحدي يدفع باتجاه اثبات الذات، ومحاولة كسر الطوق الذي يفرضه التكاسل، على النشاط الحياتي في العديد من المجالات، وبالتالي فان التحدي يولد صراعا عنيفا بين الإرادة الصلبة والخمول والتكاسل.

التحدي يضرب على الوتر الحساس لدى بعض الافراد، من خلال احداث تحولات حقيقية في النظرة إلى الأمور، من خلال مراجعة العديد من الاعمال، ومحاولة استخلاص العبر والدروس منها، بهدف احداث تحول كامل في الممارسات اليومية، فتارة يكون قبول التحدي بغرض الدخول في تجربة جديدة ليست مألوفة مسبقا وتارة أخرى يسهم التحدي في اظهار القدرات الكامنة في الذات، خصوصا وان الإنسان بما يمتلك من إمكانيات قادرة على تحريك الكثير من الأشياء، والعمل على تحويل ”التراب إلى ذهب“ من خلال المثابرة والجهد، وعدم الاستسلام للمصاعب والعراقيل التي تعترض الطريق.

ينظر البعض إلى رفع شعار التحدي في وجه بعض الشرائح الاجتماعية، كوسيلة ناجعة لخلق بيئة مثالية للابداع، وتوفير المناخ المناسب للدخول في صناعة الذات، خصوصا وان التحدي يحاول التركيز على الجوانب النفسية لدى الإنسان، بهدف تحويل النظرة الانهزامية والانطوائية إلى حياة المغامرة، والقدرة على تحقيق النجاحات بواسطة الإمكانيات المتاحة، لاسيما وان تفجير القدرات يتطلب بعض الجهد، بالإضافة إلى المعرفة التامة لتوظيف تلك الإمكانيات بالشكل المطلوب، فالتحدي بمثابة الشرارة التي تشعل الإرادة، في سبيل تحقيق الانتصارات، في المجالات الحياتية على اختلافها.

التوظيف المثالي لعنصر التحدي، يشكل الخطوة الأساسية في مشوار النجاح، والخروج من الخمول إلى النشاط، خصوصا وان التخبط وانعدام التخطيط السليم يخلق المزيد من الإشكالات، وبالتالي فان النظرة الواعية للأمور تساعد في اتخاذ القرارات المناسبة، فالتحدي ليس هدفا أساسيا في تحقيق النجاح بقدر ما يشكل وسيلة لانارة الطريق امام المرء في الحياة، لاسيما وان مشاكل الحياة وأحيانا التكاسل يترك اثرا سلبيا على الإرادة الإنسانية، مما يحول دون الاستغلال المثالي للامكانيات والقدرات، بمعنى اخر، فان الحصول على النتائج المرجوة من قبول التحدي، يتطلب التعامل بوعي مع مختلف التحديات، والعمل على تحريك الأمور في الاتجاهات المختلفة، من اجل الحصول على المكاسب اللازمة، عوضا من الدخول في مضمار التحدي، دون القدرة على وضع الأمور في المكان المناسب.

السقوط في مضمار التحدي يشكل دافعا لمواصلة المشوار لدى بعض الافراد، لاسيما وان السقوط المؤقت بمثابة ضريبة النجاح، فعملية الصعود في المسيرة الحياتية بحاجة إلى الكثير من الجهد، وكذلك المزيد من الصبر، خصوصا وان التجربة الأولى تشكل الخطوة الاولي في مسيرة النجاح، مما يستدعي التحرك وفق منهجية واضحة، تضع في الاعتبار تجاوز العراقيل، التي تعترض الطريق، وبالتالي فان التفكير في عبور جادة التحديات منذ الخطوة الأولى، ينم عن قصور في القدرة على فهم سنن الحياة، القائمة على اكتساب المزيد من التجارب، وانتهاج التدرج في الحياة للحصول على النجاح، في مختلف المجالات الحياتية.

في المقابل ينظر البعض إلى التحدي كونه احد العوامل المساعدة، في تفجير الطاقات المكنونة لدى الافراد، فهناك وسائل أخرى قادرة على اظهار القدرات بطريقة إيجابية بعيدا عن الاستفزاز، ومحاولة الدخول في معارك حياتية، خصوصا وان التحدي ليست قادرا على تحريك مختلف الفئات الاجتماعية، انطلاقا من المفاهيم السائدة، وكذلك الثقافة التي تحملها، كل شريحة من شرائح المجتمع.

التحفيز وتعزيز الجانب الإيجابي يشكل عنصر فاعل، في اظهار الإمكانيات لدى بعض الافراد، فالنظرة الإيجابية للقدرات الإنسانية تلعب دورا كبيرا، في احداث التحولات الكبرى في الحياة الإنسانية، خصوصا وان التحفيز يضرب على وتر إيجابي بالدرجة الأولى، دون الدخول في صراع من الذات، وبالتالي فان اختيار المفردات القادرة على ايقاظ الإرادة الإنسانية، يساعد في خلق البيئة المناسبة للانطلاق في ميدان الحياة، مما يؤسس لمرحلة مغايرة تماما في التعاطي مع الحياة، الامر الذي ينعكس بصورة مباشرة على التغييرات الحياتية، والدخول في مضمار النجاح، وتحطيم الاغلال النفسية التي تكبل التحركات على اختلافها.

كاتب صحفي