علم حركة العين يساعدنا في كيف نفكر
11 يناير 2023
بقلم سوزونيا ديورانت، استاذ مشارك في علم النفس، جامعة رويال هولواي، لندن
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم 65 لسنة 2023
Eye movement science is helping us learn about how we think
January 11,2023
Szonya Durant، Senior Lecturer of Psychology، Royal Holloway University of London
على مدى التاريخ البشري، لم يتمكن الناس من أن يعرفوا ما يدور ما وراء حركة عيني أحدهم لو رغبوا في ذلك إلّا تخمينًا في أحسن الأحوال،. ولكن منذ ستينيات القرن الماضي، لا يزال الباحثون يدرسون الوسائل التي قد تساعد في استخدام حركات العين في فك شفرة ما يفكر فيه الناس. القدرة على التنصت على تفاصيل أحلام اليقظة والمونولوجات الداخلية [الحديث الداخلي مع الذات] لا تزال مجالًا من مجالات الخيال العلمي. لكن الأبحاث تساعدنا في معرفة المزيد عن العلاقة بين حركة أعيننا وبين حالتنا العقلية.
في الآونة الأخيرة، أثبتت دراسة في ألمانيا أن تتبع حركة العين يمكن أن يساعد في اكتشاف المرحلة التي وصل اليه المرء في عملية التفكير.
هذا النوع من الدراسات يدور حول ما هو أكثر من حب استطلاع «فضول» عام. تخيل أنك طيار تحاول أن تناور بطائرتك مناورة صعبة تتطلب تركيزًا تامًا. في الأثناء، كان هناك ضوء تحذيري وامض لم تنتبه له. إذن، التكنولوجيا لا تنفع إلّا إذا كانت متزامنة مع طريقة تفكير الناس ويتصرفون على أساسها في العالم الحقيقي «الواقعي».
القدرة على تتبع حبل الأفكار يمكن أن تتفادى بتر التواصل / الاتصال بين الانسان وجهاز كمبيوتر عبر واجهة حوسبية [1] . لو جمعت بين أبحاث علم النفس في تتبع حركة العين والذكاء الاصطناعي، فإن النتائج يمكن أن تحدث ثورة في الواجهات الحوسبية وستغير قواعد اللعبة للذين يعانون من صعوبات في التعلم [2] .
تعود تقنيات تتبع حركة العين إلى الستينيات من القرن الماضي عندما طور الباحث الرائد ألفريد ياربوس Alfred Yarbus الإصدارات الأولى لهذه التكنولوجيا. حينئذ، وُضعت أغطية شفط [غطاء بلاستيكي يلتصق بالجلد عن طريق سحب الهواء[غير مريحة على عيون المشاركين والضوء المنعكس منها تَتَبع نقاط تركيز نظرهم.
وجد ياربوس أننا نغير تحديقاتنا «حركة أعيننا» على الدوام، مركزين نظرنا على جوانب مختلفة من المشهد الذي أمامنا. مع كل حركة عين في المشهد أجزاء من المشهد تقع تحت تركيز بصرنا، ورؤيتنا لجوانب المشهد الأخرى التي تقع على حافة بصرنا تصبح ضبابية. ولا نتمكن من التركيز عليها بصريًا دفعة واحدة.
هذه هي اللوحة الفنية، لم يتوقعوا حضوره، استخدمت في دراسة يابوس
الطريقة التي نرى جوانب من المشهد ليست طريقة عشوائية. في دراسة مشهورة نشرها ياربوس عام 1967، طلب من الناس النظر على لوحة فنية. ثم سأل المشاركين ”عن مقدار ثراء الناس“ و”ما هي العلاقة الشخصية بينهم“؟ أنماط مختلفة لحركات العين ظهرت وفقًا للسؤال المطروح على المشاركين.
تحقيق تقدم في التقنية
منذ ذلك الحين، الكاميرات وبرامج الكمبيوتر التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء جعلت عملية تتبع حركة العين عملية أكثر سهولة. أثبتت الأبحاث في السنوات القليلة الماضية أن تتبع حركة العين يمكن أن يكشف عن المرحلة التي يمر بها الشخص في عملية، تفكيره. في تجارب علم النفس المعرفي، غالبًا ما يُطلب من المشاركين البحث عن جسم في إحدى الصور - وهي أحجية معروفة ب ”أين والي“ [3] .
لوحة أين والي التي رسمها مارتن هاندفورد بنفسه
نوايا الناس تؤثر في طريقة حركة عيونهم. على سبيل المثال، لو كانوا يبحثون عن جسم أحمر، فإن عيونهم ستمر أولاً على جميع الأجسام الحمراء في المشهد «في اللوحة الفنية». لذلك، حركات عيني الشخص تكشف عن محتوى ذاكرته قصيرة الأمد [4] .
الدراسة الألمانية التي نشرت عام 2022 أثبتت أن تتبع حركة العين يمكن أن يميز بين مرحلتين «طورين» من التفكير [5] . الوضع المحيطي ينطوي على استيعاب وفهم المعلومات. والمعالجة البؤرية [6] تحدث في المراحل اللاحقة من حل المشكلات / المسائل.
المعالجة البؤرية [6]
في الوضع المحيطي، تتحرك العيون بسرعة في كل الاتجاهات لتحصل على انطباعات تقريبية عن الأهداف المثيرة للاهتمام ضمن المحيط. يُستخدم الوضع المحيطي للتوجيه المكاني. بعد ذلك، نركز على المعلومات لفترات زمنية أطول بينما نقوم بعلاجها بعمق أكثر.
قبل هذه الدراسة، تمت دراسة هذه التغييرات في أنماط النظرة في سياق التغييرات في التحفيز البصري. لكن الدراسة الألمانية كانت من أوائل الدراسات التي وجدت أن أنماط حركات أعيننا تتغير استجابةً لعملية التفكير.
مكعب روبيك [7]
طُلب من الخاضعين للاختبار حل مكعب روبيك [7] وفقًا للنموذج الذي وضع أمامهم. لم يتغير المثير البصري ولكن حركات عيون المشاركين أظهرت أنهم كانوا في الوضع المحيطي عندما كانوا في حالة استيعاب وفهم المعلومات. تحولت أنماط حركات عيون المشاركين أثناء انتقالهم إلى مراحل مختلفة من حل لعبة مكعب روبيك، كاختيارهم فصًا من فصوص [لون من ألوان] مكعب روييك.
تتبع برنامجنا حركات عيون المشاركين لمعرفة أي المعلومات التي كانوا ينظرون إليها وتوجيههم باستخدام الذكاء الاصطناعي لرسم أسهم وعلامات مميزة على الشاشة للاستدلال بها على المكان الذي يتوجب عليهم توجيه نظرهم اليه. تطبيق وسائل الذكاء الاصطناعي على بيانات تتبع العين تساعد أيضًا في الكشف عما إذا كان الشخص متعبًا أو للكشف عن اضطرابات التعلم المختلفة، مثل عسر القراءة، التي قد يعاني منها.
قد تحتوي حركات العين أيضًا على قرائن عن الحالة الانفعالية للمرء. على سبيل المثال، وجدت إحدى الدراسات [8] أن الحالة المزاجية السيئة تدفع الناس بشكل أكثر لتحريك أعينهم تجاه الكلمات السلبية ك ”الفشل «الاخفاق»“. وجدت دراسة حللت نتائج العديد من التجارب أن المصابين بالاكتئاب يتجنبون النظر إلى المنبهات الإيجابية «مثل الوجوه السعيدة» ووجدت أن الذين يعانون من القلق يميلون إلى تركيز نظراتهم على علامات التهديد.
قد تساعد تقنية تتبع حركات عيون الناس أيضًا على التعلم برصد المرحلة التي قد يكون المرء عالقًا فيها أثناء عمله على إحدى المهمات. إحدى الدراسات التي كان من ضمنها أطباء قلب يتدربون على قراءة مخططات القلب [9] ، استخدمت الذكاء الاصطناعي بناءً على حركات عيون المشاركين لاتخاذ قرار ما إذا كانوا بحاجة إلى مزيد من الارشادات.
في المستقبل، قد يكون الذكاء الاصطناعي قادرًا على الجمع بين تتبع العين ومقاييس أخرى مثل معدل ضربات القلب أو التغيرات في نشاط الدماغ للوصول إلى تقييم أكثر دقة لتفكير أحد الأشخاص أثناء حله لإحدىالمشاكل / المسائل. السؤال هو هل نريد أن يعرف جهاز الكمبيوتر ما نفكر فيه؟