آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 8:23 م

استكشاف قلة الصبر: لماذا نكره الانتظار والترقب

عدنان أحمد الحاجي *

16 فبراير 2024

المصدر: جامعة تكساس في مدينة أوستن

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم 47 لسنة 2024

Understanding Impatience: Why We Hate Waiting Around

February 16,2024

ملخص: دراسة جديدة [1]  خاضت في تفاصيل الديناميكيات النفسية لقلة الصبر «العجلة - التعجل»، واستكشفت لماذا يبدو الانتظار أمرًا صعبًا جدًا. من خلال دراستين شاملتين، تناول الباحثون كيف تؤدي الحاجة أو الرغبة السريعة للتوصل إلى خاتمة حاسمة لفترة الانتظار[2]  closure لأمر أو مسألة أو مشكلة قائمة إلى تفاقم الإحساس بعدم الصبر، مما يؤثر في قرارات، مثل الانتهاء من المهام القائمة في وقت مبكر والتخلص من ثقلها على الذهن أو تؤدي إلى التعجل في اختيار المكافأة reward «المنفعة، الثواب، الأجرة. الأجر، الجزرة، التعزيز، وما إلى ذلك من المترادفات لهذا المعنى» الفورية على تلك المنافع المستقبلية.

تسلط النتائج الضوء على الخيارات غير البديهية التي يتخذها الناس للوصول إلي حسم وخاتمة لما هم منشغلون به، كالعمل لفترة أطول لتحقيق نفس النتيجة أو دفع مبلغ مال أكبر لإتمام معاملة أو صفقة بشكل عاجل. هذا البحث لا يعزز فهمنا للشعور بقلة الصبر فحسب، بل يزودنا أيضًا بنتائج عملية تنعكس على استراتيجيات التسويق واتخاذ القرارات الشخصية.

الأفكار الرئيسة:

  1. تأثير الحاجة إلى الوصول إلى خاتمة في الخيارات: تسلط الدراسة الضوء على كيف تدفع الرغبة القوية في الوصول إلى خاتمة [أيًا كانت] الناس إلى تفضيل الخيارات التي تسمح لهم بإكمال المهام بشكل عاجل، حتى لو كان ذلك يعني العمل لفترة أطول أو دفع مبلغ مالي أكبر لإتمام الصفقات / المعاملات.
  2. قلة الصبر يزداد سوءً بالقرب من نهاية فترة الانتظار: تكشف الدراسات أن قلة صبر الناس أثناء الانتظار يزداد مع اقترابهم من النهاية المتوقعة لفترة الانتظار، وهي نتيجة لها تبعات على إدارة توقعات العملاء واستراتيجيات التسويق.
  3. التطبيقات العملية الميدانية على التسويق والإدارة: يمكن للأفكار المستمدة من هذه الدراستين أن تساعد المسوقين على تصميم تجارب لخفض فترة الانتظار لتكون أقل إحباطًا أو ازعاجًا للمتسوقين، كما يمكن للمدراء تحفيز فرق العمل التي يديرونها بشكل أكثر فعالية من خلال فهم الأسس النفسية لقلة الصبر والرغبة في الوصول إلى خاتمة.

في عام 1981، غنّى توم بيتي Tom Petty أغنية تقول أن فترة الانتظار هو الجانب الأصعب في كل شيء. دراسة جديدة من جامعة تكساس في مدينة أوستن تحاول تفسير سبب ذلك.

في دراستين حديثين، استكشفت أنابيل روبرتس Annabelle Roberts، الاستاذ المساعد في التسويق في جامعة تكساس في أوستن، المداولات الداخلية بين اثنين أو اكثر [داخل مجموعة / جماعة / شركة وما إلى ذلك» التي يمر بها الناس عندما يشعرون بنفاذ صبرهم: سواء أكانوا ينتظرون في طابور طويل أو ينتظرون إعلانًا مهمًا.

تبحث كلتا الورقتين المنشورتين في مدى تأثير الرغبة في الإنتظار على نفاد الصبر. تتناول الورقة الأولى مدى تأثير ذلك على عملية اتخاذ القرار - على سبيل المثال، اختيار إكمال مهمة الآن وليس لاحقًا. أما الجزء الثاني يستكشف مشاعر الناس أثناء فترة انتظارهم وكيف تتغير هذه التجربة مع اقتراب فترة الانتظار إلى نهايتها.

روبرتس، الحاصلة على دكتوراه. في العلوم السلوكية، مهتمة بمدى تأثير نفاد الصبر على الخيارات التي يتخذها الناس، كحيارات الاستثمار في المستقبل أو شراء إحدى السلع اليوم.

هذه الدراسات أيضًا تقدم دروسًا عما يمكن أن يقوم به المسوقون لجعل فترة الانتظار أقل إزعاجًا بالنسبة للمتسوقين. وتقول: ”لقد شعر كل منا بتفاقم قلة الصبر أثناء الانتظار الطويل“.

  • وجدنا أن المشاركين يرغبون في دفع مبلغ مالي إضافي عندما يسمح لهم ذلك بالدفع عاجلاً والتخلص من التفكير في ثقله على أذهانهم قبل استحقاقه في المستقبل.
  • فضل المشاركون إكمال 15% إضافية من العمل بنفس الأجر، عندما يتمكنوا من إنهاء العمل في وقت مبكر وشطبه من قائمة الأشياء التي يتوجب عليهم إنجازها.
  • لتسليم التقرير قبل ذهابهم في إجازة والتخلص منه ذهنيًا، فضل المشاركون العمل لمدة ساعة إضافية غير مدفوعة الأجر لإنهاء التقرير، بدلاً من الحصول على أجر إنهائه بعد الإجازة.

تقول روبرتس: ”إن الحاجة إلى التوصل إلى خاتمة تساعد في تفسير التفضيل المخالف للبديهة للعمل لفترة أطول أو لدفع مبلغ أعلى في العاجل على الآجل“. ”لقد وجدنا أن قلة الصبر لا تقتصر فقط على هذه الرغبة القصيرة النظر في الحصول على المكافأة. وإنما يتعلق الأمر أيضًا بشطب الأهداف من قائمة العمل بدل إبقائها عالقة في أذهانهم.“

وتشير الدراسة إلى أن النتائج قد تثير اهتمام المدراء الذين يرغبون في تحفيز فرقهم بشكل أفضل، لأن الذين يرغبون في إنهاء المهام مبكرًِا أقل احتمالًا للتسويف في مهامهم.

وتضيف الدراسة أيضًا سبب فشل العروض الترويجية التسويقية، مثل عروض ”اشتر الآن، وادفع لاحقًا“، في بعض الأحيان. قد لا يرغب المستهلكون في تحمل الضغط النفسي الناجم عن معرفة موعد استحقاق الدفع لو اختاروا خيار الشراء الآن والدفع لاحقًا.

نهاية فترة الانتظار الطويلة قريبة، ولكن ليست قريبة بما فيه الكفاية

أشارت الأبحاث السابقة إلى أن الأمريكيين يقضون 37 مليار ساعة سنويًا في طوابير الانتظار، ويقضي المسافر العادي 42 ساعة سنويًا عالقًا في زحمة المرور. وفي ورقتها البحثية الثانية، مع آيليت فيشباخ Ayelet Fishbach من جامعة شيكاغو أيضًا، تتبعت روبرتس المسار الزمني الانفعالي لفترات الانتظار تلك. ووجدت أن الضغط النفسي بسبب الانتظار يشتد كلما اقتربت فترة الانتظار من نهايتها.

تقول روبرتس: ”هذه الورقة تدور فكرتها حول مشاعر الناس، وتجاربهم أثناء انتظارهم في الطابور“. ”عندما تتوقع أن يقترب وقت انتظارك من نهايته، فإن قلة صبرك تزداد أكثر كلما زاد قربك من خط نهاية الطابور.“

في الحالات الواقعية، قام المشاركون بتقييم مستويات قلة صبرهم أثناء انتظارهم للحصول على أول لقاح لكوفيد-19 أو وصول حافلتهم إلى وسط مدينة شيكاغو. وزاد قلة صبرهم كلما اقتربوا من نهاية خط الانتظار. لقد شعروا بقلة الصبر أكثر عندما اقتربوا من الحصول على اللقاح أو عندما اقتربت الحافلة من الوصول إلى وسط المدينة.

أبلغت مجموعة من المشاركين عن نفاد صبرها بشأن نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020. وارتفعت مستويات قلة صبر مؤيدي كل من جو بايدن ودونالد ترامب في يوم الانتخابات نفسه.

وفي اليوم التالي، كان مستوى نفاد الصبر أعلى، حتى أثناء فرز الأصوات. وتشير روبرتس إلى أن المعدل لقلة الصبر ارتفع بالنسبة لكلا الجانبين، على الرغم من أن بايدن كان يتقدم في الفوز.

تقول روبرتس: ”حتى بالنسبة لأولئك الذين توقعوا عدم فوز مرشحهم، فقد أرادوا فقط حسم الأمر ومعرفة الخاتمة أيًا كانت“. ”يوضح هذا بشكل جيد الرغبة في الوصول ومعرفة الخاتمة أيًا كانت النتائج وكيف تتكشف في تجربة الوقوف في طوابير الانتظار.“

الباحثة روبرتس اقترحت الأفكار التالية على الشركات: إذا كان هناك غموض بشأن موعد تسليم البضاعة، فمن الأفضل إعلام العملاء ليستعدوا لتقبل الإنتظار لوقت أطول بدل من اعطائهم وقت انتظار أقصر قبل وصول بضاعتهم. وبهذه الطريقة، قد تصل البضاعة قبل أن ينفد صبرهم.

قد يكون من الأفضل أيضًا إبلاغ العملاء باحتمال التأخير في وصول بضاعتهم في وقت مبكر من فترة الانتظار بدلاً من إبلاغهم لاحقًا حتى يتمكنوا من تعديل توقعاتهم وفقًا لذلك.

بالنسبة لمشروع البحث اللاحق، تدرس روبرتس تدخلات مفيدة لمساعدة الناس على زيادة جرعة صبرهم أثناء الانتظار.

وتقول: ”لي رغبة في أن يساعد بحثي الناس على إدارة مشاعرهم أثناء فترة انتظارهم“. ”الكثير من الناس يرغبون جدًا في المساعدة على كيف يتحلون بالصبر أثناء فترة الانتظار، وكيف يتمكنون من اتخاذ خيارات أفضل، كالادخار للمستقبل، مثلًا“.

خلاصة الدراسات السبع [1] 

استكشفت هذه الدراسات السبع ما إذا كانت الرغبة في التوصل إلى خاتمة لهدف ما من الناحية النفسية تؤدي إلى مزيد من قلة الصبر. فإذا كان الأمر كذلك، فلا بد أن يختار الناس الخيار المبكر «مقابل الخيار المتأخر»، حتى لو لم تكن هناك منفعة reward في ذلك. على سبيل المثال، قد يفضلون دفع مال أو إكمال عمل بشكل عاجل لا آجل. يبدو أن اختيار تكبد تكاليف مبكرة يناقض تفضيل العاجل على الآجل [أي حين يهتم المرء بالعاجل اكثر من اهتمامه بالآجل]. ما لم يعطي الناس قيمة للتوصل الي خاتمة الهدف مبكرًا.

في كل الدراسات السبع، وجدنا بشكل متسق أن الناس يفضلون دفع أموال أكثر في العاجل على أموال أقل لاحقًا «الدراسة رقم واحد» وإكمال عمل أكثر في العاجل على اكمال عمل أقل لاحقًا «الدراسات الثانية إلى الخامسة» عندما تكون لديهم رغبة أقوى في تحقيق الهدف مبكرًا، كما هو الحال حين يسمح لهم الخيار العاجل بتحقيق التوصل إلى خاتمة الهدف مقابل عندما يكون التوصل إلى خاتمة الهدف عالقًا في أذهانهم «مقارنة بالحالة حين لا يكون فيه الهدف عالقًا في أذهانهم».

تمتد الآثار المترتبة على التوصل إلى خاتمة الهدف إلى قلة الصبر في الانتظار لتحقيق المكاسب «الدراستان السادسة والسابعة»، حيث يفضل الناس أموالاً أقل في العاجل «مقابل أموال أكثر في اللاحق» عندما يسمح لهم ذلك بتحقيق التوصل إلى خاتمة الهدف.

تشير هذه النتائج إلى أن الرغبة في تحقيق التوصل إلى خاتمة الهدف هي جانب مهم من تفضيلات مدة الانتظار [طول الفترة التي يستطيع فيه الشخص الانتظار قبل الوصول إلى الخاتمة]. أخذ هذه الرغبة في الاعتبار يمكن أن يفسر الحالات غير الطبيعية في السوق وينفع في تدخلات الحد من قلة الصبر.